أجيب المنادي سائلا أو مسائلاً ... وأعرض عمن لا أراه مجاوبي

فمن يرتضي قربي قليلاً وصلته ... ولست لمن لم يهوه بمقارب

وتلك سجايا ليس يعرفها الورى ... سوى سيد السادات من آل غالب

نظام الورى ديناً ودنيا وحشمةً ... وعلماً ورأيا وابتذال الرغائب

مناقبه بين المناقب مثلة ... ومثل اسمه فخر الكنى والمناقب

تزاحمت الآمال طراً بباله ... فما الناس إلا بين جاءٍ وذاهب

لديه تمني كل باد وحاضر ... إليه قصارى كل سار وسارب

مصائبنا من قربه في مصيبة ... فنحن بلقياه مصائب المصائب

مواهب رب العالمين كثيرة ... وأنت لنا منها أجل المواهب

بك اعتلت العلياء لا أنت بالعلا ... وما أنت إلا رافع للمناصب

فأَنت تكسي وتكسب منحة ... وما الخلق إلا بي كاسِ وكاسب

بغير حاب ما تنيل ومنة ... فلست بمنان ولا بمحاسب

وأنت الذي عمت فواضله الورى ... فمالك للأخاذة لا لغاصب

وأنت الذي حاز المحاسن كلها ... وجمع وجود الحسن ليس بواجب

أيا دهر أعط القوس باريها إذن ... وراع على هذا الصلاح العواقب

إمام لدى الهيجاء إمام لدى الحجى ... مشير مجيب هازم للكتائب

مصيب بضرب السيف والطعن بالقنا ... قوي قدير عارف بالمضارب

شجاع كمي لوذعي غشمشم ... يد السيف ظهر الرمح قلب المواكب

بدلو رآها البحر أصبح ناضباً ... ظلمت متى شبهتها بالهواضب

بصير بأعقاب الأمور مجرب ... كأن جرب الدنيا بكل التجارب

أتيتك مولاي بما ملكت يدي ... وحصله فكري وخول واهبي

أتيتك مهتوفاً بزوعي كما أتى ... نبي الهدى سلماً سواد بن قارب

وفقري إليك الدهر أغنى من الغنى ... وذلك فقر لست عنه بهارب

فلا أشتفي إلا بمدحك أن أفز ... بلفظٍ غريب أو بمعنى مناسب

ولم أشتغل إلا بذكرك إن أجد ... لساناً فصيحاً ناطقاً بالمطالب

فهذا مديح من خلوص عقيدة ... وإخلاص ودٍ لم يشب بشوائب

لزمت ذمامي إن قبلت وذمتي ... وإلا فقد ألقيت حبلي بغاربي

فلا زلت في الدنيا أماناً لخائف ... وغوثاً لملهوف وكهفاً لهارب

وبابك للاجين مأوى وموئل ... وجودك مبذول لعاف وطالب

يشير بقوله:

أتيتك مهتوفاً بزوعي كما أتى ... نبي الهدى سلماً سواد بن قارب

إلى إتيان سواد بن قارب إلى النبي (ص) مسلما أتاه ريبه بظهوره عليه أفضل الصلاة والسلام، والخبر ما رواه أصحاب السير من حديث محمد بن كعب القرظي قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس، اذا مر به رجل فقيل له يا أمير المؤمنين هذا سواد بن قارب الذي أتاه ريبه بظهوره (ص) فقال له عمر رضي الله عنه انت سواد بن قارب قال: نعم. قال: انت على ما انت عليه من الكهانة؟ فغضب. فقال: عمر رضي الله عنه سبحان الله! ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه، فأخبرني بإتيانك ريبك بظهور النبي (ص) ، فقال: بينما أنا ليلة بين النائم واليقظان، إذ أتاني فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب، فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأ يقول:

عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمن الجن ككذابها

فارحل إلى الصفوة من هاشم ... ليس قداماها كأذناها

فقلت: دعني أنام لست واعياً، فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله، وقال قم يا سواد بن قارب، فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وإلى عبادته، ثم أنشأَ يقول:

عجبت للجن وتخبارها ... وشدها العيس بأكوارها

تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمن الجن ككفارها

فارحل إلى الصفوة من هاشم ... بين روابيها وأحجارها

فقلت: دعني أنام فإني أمسيت ناعساً، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله، وقال: قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي؛ واعقل إن كنت تعقل، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب، يدعو إلى الله وعبادته، ثم أنشأ يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015