أنا ركبنا من الظلماء جانحة ... كأننا من دجاه نمتطي نوبا

سل النجوم هل ارتابت بصحبتنا ... لما أثرن إليهن القنا السلبا

إذا استمرت بمجرى النجم سالكة ... خلت المجرة من آثارها ندبا

تهفو الركاب فتهدينا أسنتنا ... كأنما عارضت أطرافها الشهبا

وباتت الخيل يقدحن الحصى حنقاً ... حتى تضرم ذيل الليل والتهبا

تلك الفوارس لا تثني أعنتها ... عن وجهة أوينال السيف ما طلبا

باتوا على نشوة ما هاجها طرب ... وقد أداروا بكاسات السرى نغبا

إذا اثاروا القنا عن جنح مظلمة ... شالوا النجوم على أطرافها عذبا

وله يمدح أبا بكر الوزير:

خيال زارني عند الصباح ... وثغر الشرق يبسم عن أقاح

وقد حشر الصباح له ونادى ... فأصغى النجم منه إلى الصباح

وفاض على الكواكب وهو طام ... فطار النسر مبلول الجناح

وزائرة طردت لها منامي ... وقد عقد الكرى راحاً براحي

وأدناها الهوى حتى أحلت ... وباتت بين ريحان وراح

تهز الغصن في حقف مهيل ... وتفري الليل عن قمر لياح

وأضناني الهوى فنعت نحولي ... وهل ينعى النحول على الصفاح

وقد حملت عبء الحب ضعف ... حمل الخصر للكفل الرداح

أحن إلى رضاك وفيه برئي ... كما حن المال من ايدي الشحاح

سأفزع في هواك لحسن صبركما فزع الجبان إلى السلاح

واقتدح الرغيبة من ركاب ... براهن السرى بري القداح

تعنف أن رأت شأواً بعيداً ... ومن يثني الجواد عن الجماح

سرى جبنا به الظلماء حتى ... سبقنا البائتين إلى اصباح

إذا ونت الكواكب عن مداها ... حفزناها بأطراف الرماح

ومن كان الوزير له ظهيراً ... يسم راعيه في حي لقاح

بحيث الرعي في أحوى أحم ... وحيث الورد في شبم قراح

من القوم العزيزين أهل العلى والطوال والنسب الصراح

أقاموا المجد في سمك علي ... ومدوا العز في أرض فياح

فآوى كل عاف من ذراهم ... إلى بيض اللمى خضر البطاح

وقد وقام العلى عنهم خطيباً ... وصاح الجود حي على الفلاح

بأبنية وأعمدة طوال ... وراحات وساحات فساح

أبا بكر كتمت علاك حلماً ... فنم على الربى طيب الفواح

فكم تحيي الوالي بامتنان ... وكم تردي المعادي باجتياح

يمين ملكت رق المساعي ... وكف أعذبت ماء السماح

وفضل لا ينيب إلى نصيح ... وجود لا يصيخ لقول لاح

وحلم أوسع الدنيا وقاراً ... وقد خفقت له خفق الجناح

لأعمى الفكر عن عيب الموالي ... أصم الجود عن قول اللواحي

فتى تجد الأماني في يديه ... وجود الري في الماء القراح

يجلي حادث الدنيا بوجه ... كأن جبينه فلق الصباح

أضاء بوجهه أفق الدياجي ... وقام بكفه علم النجاح

طلعت على العلى من كل باب ... وجزت المجد من كل النواحي

وجاء بك الزمان على اكتهال ... فكنت الروض فاح مع الرواح

فكف للسيادة ذات بسط ... وطرف للمعالي ذو طماح

غضبت لكل حق مستباح ... ولم تغضب لمال مستباح

فكيف نصرت كل حمىً مذال ... ولم تنصر حمى المال المباح

نوالك من ولاتك ذو تدان ... وقدرك عن عداتك ذو انتزاح

تداركت انصداعاً بانشعاب ... وصيرت الفساد إلى الصلاح

فقد بدلت كرباً بانفراج ... وقد عوضت ضيقاً بانفساح

وداويت الليالي من رداها ... وقد ناديت يا آسي الجراح

فقد أشفيتها من كل داء ... وقد أسقيتها بعد التياح

دعوت المعتفين لغير مأوىوأحللت الطريد أعز ساح

فما للفضل فيها من زوال ... وما للمجد عنها من براح

لقد أنسى زمانك كل عيد ... بعز ثابت وأسى مزاح

وذي الأيام أعياد الأيادي ... فكيف تضيفهن إلى الأضاحي

وكتب إليه بعض أصحابه ابن اللبانة هذه الأبيات:

يا روضة أضحى النسيم لسانها ... يصف الذي تهديه من أرجائها

ومن اغتدى ثم اهتدى لطريقة ... ما ضل من يسعى على منهاجها

طافت بكعبتك المعالي إذا رأت ... أن النجوم الزهر من حجاجها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015