آخر:

لمن جدث أبصرته فشجاني

لِمَنْ جَدَثٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجَانِي ... وأرْسَلَ فِي شَجْوِ الهُمُومِ عِنَانِي

سَفَكْتُ عَلَيْهِ أَدْمُعِي فَسَقَيْتُهُ ... كَمَا هُوَ مِنْ كَأْسِ الشُّجُونِ سَقَانِي

وقَفْتُ بِهِ حَيْرَانَ وَقْفَةَ هَائِمٍ ... أُعَالِجُ قَلْبًا دَائِمَ الخَفَقَانِ

وما بِيَ مَنْ في القَبْرِ لَكْنِ رَأَيْتُهُ ... على حَالَةٍ فِيهَا وشِيْكَ أَرَانِي

آخر:

لمن الأقبر في تلك الربى

لِمَنِ الأقْبُرُ فِي تِلْكَ الرُّبَى ... مَلَأَتْ صَدْرِي شَجْوًا وَأَسَى

لِمَنِ الأوْجُهُ فِيهَا كَسَفَتْ ... بَعْدَ حُسْنٍ وَجَمَالٍ وَضِيَا

لِمَنِ الأجْسَامُ فِيهَا بَلِيَتْ ... بَعْدَ زَهْوٍ وَشَبَابٍ وَانْتِشَا

ومَنِ الْفُرْسَانُ فِيهَا قَدْ نَسُوا ... رَوْعَةَ الْحَرْبِ بِرَوْعَاتِ الثَّرَا ...

ورَمَوْا إِذْ هَتَفَ الْمَوْتُ بِهِمْ ... بِسُيُوفِ الْهِنْدِ رَوْعًا وَالْقَنَا

ومَنِ الْخُرَّدُ فِيهَا شَدَّمَا ... فَتَكَتْ قَبْلَ آسَادِ الشَّرَا

نَظَرَ الْمَوْتُ إِلَيْهَا فَغَدَتْ ... تَنْفُرُ الْأَنْفُسُ مِنْهَا إِذْ تُرَى

لِمَنِ الْأَقْبُرُ فِي تِلْكَ الرُّبَى ... أَلْبَسَتْ جِسْمِيَ أَثْوَابَ الضَّنَا

يَا جُفُونًا أَرْسَلَتْ أَدْمُعَهَا ... مَا بِذَا بَأْسٌ لَوْ أَرْسَلْتِ الدَّمَا

صَاحِ يَا صَاحِ وَنِيرَانُ الْجَوَى ... عَلِقَتْ مِنِّي بِأَثْنَاءِ الْحَشَا

لا تَظَنَنَّ بُكَائِي لَهُمُو ... لَيْسَ وَاللهِ لَهُمْ هَذَا الْبُكَا

إِنَّمَا أَبْكِي لِنَفْسِي لا لَهُمْ ... فَكَأَنِي اليَوْمَ فِيْهِمْ أَوْ غَدَا

هَامِدُ الْجَمْرَةِ مَوْهُونُ الْقُوَى ... دَائِمُ الحَسْرُةِ مَقْطُوعُ الْعُرَى

رَبِّ يا ربِّ ويا رَبَّ الوَرَى ... ما تَرَى في عَبْدِ سُوءِ مَا تَرى

كَفَر الإحْسَانَ قِدْمًا وبَغَى ... وطَغَى ثم طَغَى ثم طَغَى

ما تَرَى في أمْرِهِ يَا مَنَ تَرى ... كُلَّ شيء وهو رَبُّ لا يُرَى

لَيْسَ إلاَّ عَفْوُكَ المَرْجُوُّ أوْ ... دَفْعَةٌ تُنْزِلُهُ قَعْرَ لَظَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015