ومع التسليم بأن المراد بالمطهرين الملائكة كما هو قول جمهور المفسرين، فإنه يمكن الاستدلال بالآية بقياس بني آدم على الملائكة (?) ، أو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية (من باب التنبيه والإشارة؛ لأنه إذا كانت الصحف التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا ينبغي أن يمسها إلا طاهر، والحديث مشتق من هذه الآية) (?) .

وقال أيضًا: (الوجه في هذا والله أعلم أن الذي في اللوح المحفوظ هو القرآن الذي في المصحف كما أن الذي في هذا المصحف هو الذي في هذا المصحف بعينه سواء كان المحل ورقًا أو أديمًا أو حجرًا أو لحافًا، فإذا كان مِنْ حكم الكتاب الذي في السماء أن لا يمسه إلا المطهرون وجب أن يكون الكتاب الذي في الأرض كذلك؛ لأن حرمته كحرمته، أو يكون الكتاب اسم جنس يعم كل ما فيه القرآن سواء كان في السماء أو الأرض، وقد أوحى إلى ذلك قوله تعالى: (رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة فيها كتب قيمة ( [البينة2-3] ، وكذلك قوله تعالى: (في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة ( [عبس 13-14] فوصفها أنها مطهرة فلا يصلح للمحدث مسها) (?) .

وقال أبو عبد الله الحَلِيمِي الشافعي: (إن الملائكة إنما وصلت إلى مس ذلك الكتاب؛ لأنهم مطهرون، والمطهر هو الميسر للعبادة، والمرضي لها، فثبت أن المطهر من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس المصحف، والمحدث ليس كذلك؛ لأنه ممنوع عن الصلاة والطواف، والجنب والحائض ممنوعان عنهما، وعن قراءة القرآن فلم يكن لهم حمل المصحف ولا مسه) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015