يشعر بقوته وعظمته أمام قوة اللانهاية وعظمتها.

ان الترجمة تزيد التيارات الفكرية قوة وتدفعاً وان العظمة لا تظهر مستكملة بصورتها مستوفية لشرائطها إلا حيث التيارات الفكرية القوية، والعظمة التي تظهر في غير ذلك تكون ناقصة بتراء، ولا تستسر العلاقة بين نهضة الشعوب وبين الدب القوي الحافل بالأفكار إلا على ذوي النظر الحسير والفكر الكليل فإن الأدب القوي يحرك الطبائع ويهز النفوس ويرسل نوره وحرارته في كل مناحي الحياة ووجوهها وان الأمة إذا ثملت برحيق فكرة كبيرة رأيت آثار تلك الفكرة متوثبة في كل نفس من نفوس أفرادها ظاهرة في أعماله مستجلية في أحاديثه وأقواه وإن كان يختلف مقدار فهم كل فرد لجوانب الفكرة المتعددة.

إن كل فرد منا يرقد في أعماق نفسه تاريخ الإنسانية بأسرها، وتقيم في ذهنه كل فكرة أمّت الكون ولكنها تروح في النفس غامضة خفية، وكلما كانت النفس شاعرة بذلك مستيقظة له كانت تواقة إلى المطالعة نزاعة إلى البحث والتفكير وصارت ترى في كل دور من أدوار التاريخ صفحات من نفسها وترى في كل فكرة خيالاً للفكرة التي كانت تختلج بنفسها ومثل هذه النفس تنسى نفسها وتنكرها لتتعرف ما حولها في مختلف الأمكنة والأزمنة وهي لهذا الانكار والتناسي تلتقي بذاتها الكبرى ونسها العظمى وما يصدق على الفرد في تناسبه نفسه لعرفاتها يصدق على الأمة ولذا فإن الأمة عند يقظتها تكثر من النظر فيما حولها، ولعل هذا ما يدعو فريقاً منا للترجمة فإنها من وسائل النظر إلى ما حولنا، واننا بالترجمة نستثير في نفوسنا كل ألأحلام والآمال والافكار والخواطر التي واجهت الانسانية في رحلة حياتها وتخرج الدرر الكامنة في بحر النفوس وتطلق الانغام العذبة الشجية المحبوسة في الصدور وتهدم الاسوار والحواجز التي تمنع شخصيتنا من الاتساع وتجعل آمالنا ضيقة غير مترامية وعزائمنا محصورة وليست بعيدة نائية وتمنعنا من أن نعيش في الدائرة الشاملة لكل الدوائر والتي لا ينبغي لأمة كبيرة أن تعيش في غيرها - دائرة اللانهاية. . . . . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015