الإسلام

أنصار الإسلام من كتاب الفرنجة وفلاسفتهم كثيرون، وآخرون منهم تعمقوا في بحث شرائعه وروحه ومبادئه فجاؤوا بما لم يسبقهم إليه أحد، ولكنا ما علمنا فيلسوفاً وفى البحث في الإسلام حقه، وتناول الشريعة المحمدية من جميع وجوهها، وصدع برأي بديع، وجاء بتحليل فلسفي طريف في هذا الدين المتين، مثل الدكتور لتنر الأستاذ المشهور في جامعات إنجلترة، وإنا لننشر اليوم مقاله عن الإسلام، ونحن سعداء أن ظفرنا برجل من الفرنجة مثله ينتصر للإسلام هذا الانتصار الرائع المدهش: قال:

بدأت خبرتي بالإسلام في معهد ديني بالقسطنطينية عام 1854 إذ قرأت القرآن واستظهرت جزءاً عظيماً منه ثم عاشرت طوائف مختلفة من المسلمين. واختلطت بفرق عديدة منهم، وصنوف كثيرة، في تركية والهند وغيرها من بلاد الله، ودرست العربية، وهي لغة كتابهم، ولسان دينهم، ومن ذلك أدركت أن الإنسان لا يستطيع بدون اللغة العربية أن يجتذب قلوب المسلمين، أو يكون له على أذهانهم سلطان، وإن كان هناك شيء آخر لا غناء عنه، وهو العاطفة فإن العاطفة هي مفتاح العلم، والسبيل إلى قلوب الناس، وهي التي ترسل أنفاس الحياة فيما لولاها لكان جثة هامدة وعظاماً بالية ورفاتاً سحيقاً.

وقد كان من وراء فقدان العاطفة أن أساء كثيرون من أساتذة العلم وأقطاب البحث والنظر الحكم على الإسلام، ومنهم السير ويليام موير فقد أدى به فقدان العاطفة إلى الوقوع في أغلاط خطيرة ضد هذا الدين.

إذن فلنتوقع أن يعين هذا البحث الذي نحن بسبيله على تأسيس تلك العاطفة وشد عراها، وتقوية الأخوية العامة التي يجب أن تسود بين الأديان جميعاً.

وفي هذا يقول هربرت سبنسر: على قدر حبنا الحقيقة وتغليبه على حبنا الانتصار، لكون ولوعنا بمعرفة ما يؤدي بخصومنا إلى أن يروا غير ما نرى ويفكروا غير ما نفكر!.

بل أعمق من هذا المبدأ تلك اليمين التي اعتادت قبائل البوذيين في بلاد التبت أن يقسموا بها وهي أن لا يروا ولا يفكروا ولا يقولوا مطلقاً أن دينهم خير الأديان جميعاً، وأيضاً توصي شرائع الملك أسوكا المنحوتة في الصخر بأن يمدح قومه أديان غيرهم من الناس.

والآن نقول أن دين محمد لم يكن دين ذلك النبي وحده لأنه إنما كان يدعو الناس إلى دين عيسى وموسى، وليست المسيحية والموسوية إلا مرحلتين من مراحل الإسلام وكان في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015