متن العمرية

لحضرة صاحب العزة حافظ بك إبراهيم

وعدنا القراء في الجزء السابق من البيان أن نتبسط شيء في نقد هذه العمرية التي يزعم قوم أن الله تعالى قد عمر بها جانباً من الأدب كان خرباً، وسد بها ثلمة في الشعر العصري كانت واضحة، ودفع بها الفلك الدوار فمر فأسرع فانبثق منها على الأدب العربي عصر جديد،،، هكذا قالت الصحف فيما كتبت أو كتب لها،، وقالت صحيفة أخرى: إنه لم ينشد في عكاظ شاعر أبلغ من صاحب هذه العمرية في عمريته: كأن أصحاب هذه الصحيفة أو كتابها قد أحصوا أسماء الشعراء الذين أنشدوا في عكاظ وقرأوا ما أنشدوه، فإذا كان العلماء قد قالوا إن أسماء الشعراء عكاظ وقصائدهم التي أنشدوها غير معروفة إلا أربعة أو خمسة فلا ندحة لنا من أن نتأول أن كتاب تلك الصحيفة أرواح رجعت إلى الدنيا بعد 1400 سنة وكانت من قبل في أجسام عكاظية، ولعل منها روح النابغة، ولعل صاحبها هو الذي كتب تلك الكلمة فكان له الأمر من قبل ومن بعد، وتم له الحكم بين الشعراء في عكاظ ودرب الجماميز،،

ليس بنا أن نتصدى لمثل هذا ولا نحن موكلون بوضع الصراط والميزان في هذه المجلة لمحاسبة الأخلاق الأدبية ولكنا موفون بما وعدنا على أن نلتزم جانب الإيجاز ما استطعنا وحسبنا الله. . .

لقد حرنا في إدراك الغرض الذي امتثله حافظ حين قرض هذه العمرية لأن الشعراء لا ينظمون إلا لغرض معين، فأما رياضة الخاطر، أو إظهار محاسن الصناعة، أو العمل لفائدة ما، أو قضاء حاجة في النفس، على أنا نجمل من هذه الأغراض كلها فنفرض أن الشاعر قصد إلى أهمها فأراد أن يقدم لهذا العصر المادي أثراً من الروح الإلهي وأن يتحف أدباء العصر بتحفة من الفن، ونضيف إلى هذين أنه يرمي بهذه القصيدة كما يقول هو إلى قضاء حقوق نام قاضيها - وحكاية مناقب عمر للشاهدين وللأعقاب - ثم ننظر في وفاء العمرية بهذه الأغراض وما مبلغها من كل واحد منها.

فأما أثر الروح الإلهي في القصيدة وما يتجلى فيه من الحكمة الرائعة والوصف البارع والإبداع والسمو وفلسفة الحياة وما إلى ذلك من مظاهر الروح والفكر فهو أثر ضئيل جداً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015