أو بار وظهر أو غار وكأنهم عفا الله عنهم لا يجدون الشرف الصاعد إلاّ في تلك المقاعد ولا يحتاجون من أمتهم لغير خدمتهم ولا يخشون على أنفسهم التلف إلا متى قلّ العلف. . . فإذا كانت النهضة لأهوائهم طاروا وإن كانت لآدابهم تبلدوا وحاروا وإذا قيل الهزل والطرب أقبلوا إقبالاً شديداً وإذا قيل العلم والأدب وقفوا منها بعيداً. على أنهم ويا أسفا من الأمة هامات وفي الأمة قامات وفي عدد الأمة رقاب وفي تاريخ الأمة نعوت وألقاب. فواهاً لك أيتها الأمة المصرية ويا لهف الأنفس المشفقة عليك.

وعلم الله لو أن عشرة من هؤلاء الأغنياء أو واحد منهم أو ابن واحد منهم كان رقيق الإحساس شريف النزعة صحيح الغيرة وافر الإخلاص يعرف من حق الأمة عليه ويستيقن ما يعرفه فينظر إلى المجلات النافعة في مضر ويعينها بعض العون على ما تعالج ويثبت بذلك أن في أغنيائنا من يكون لأمته بعمة بين المصائب وإن الكنانة مهما خلت لا تخلوا من سهم صائب.

إذن لأهدينا من البيان محاسن الأدب مجموعة وجعلناه من الطلاب كفاكهة الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فوهبنا الكثير منه معونة للطلبة الفقراء ووسعنا من فوائده على القراء وأطلعناه في الكمال مطلع البدر ونشرناه كما يعم الشرق نور الفجر ولا والله ما تنقصنا الرغبة ولا تعوزنا المادة ولا يضيق بنا الإخلاص ولا يحوجنا شيء من ذلك إلى عذر نتعلل به أو نتعلق عليه ولكنا نقبل وأكثر الناس معرضون ونبسط يدنا في مالنا وهم يقبضون.

على أننا لا ندري لم لا تعتبنا حكومتنا السنية أيّدها الله وهي منا بمكان الوصي من القصر وهي دائبة على تعليم الأمة وإرشادها وهي تعرف ما تؤديه مجلة مثل البيان وما لها من الأثر الظاهر في تقوية النهضة الأدبية وما توسع على الأمة في آدابها وثروتها العقلية - لم لا تعتبنا أعزها الله وتعتب الأمة فتنظر كذلك للمجلات المصرية الصالحة وهي لا تبلغ أصابع اليد الواحدة فتحيط أصحابها بشيء من العناية وتقدر عملهم للأمة وحاجة الأمة إليهم وتعمل على أنهم فئة كهؤلاء الممثلين والموسيقيين الذين يقذفهم برد أوربا كل شتاء فتدفعهم بذهبها. فإن لم يبلغوا أن يكونوا كذلك في الاعتبار وكان بينا وبينهم ما بين الشرق والغرب فلا أقل مما يكون أصحاب المجلات المصرية الكبرى في رأي الحكومة كأصحاب الكتاتيب. . .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015