مجله الاستاذ (صفحة 766)

مخلب الفاقة يتقرب لربها بأخيه بيعاً وإذلالاً ويسترضيه بصاحبه استخداماً وربما قرب إليه ذوي الأرحام خدماً وعبدانا طمعاً في دوام صلة واستعظام عطية. ففرّ من هذا فرارك من المجذوم لئلا تتقرح بالعدوى فينفر منك الأخ ويجفوك الصاحب وينكر العشير. وقد يكون هذا النازح ممن تجمعك وإياه أصول بعيدة أو قريبة أو روابط من روابط الأمم فيعطف عليك ويخلص في القول والعمل طمعاً في صلاح شؤُنه بصلاح شؤُنك ولا يمكنك سبرغور أفكاره إلا بعد قلبك أوجه التجربة وصور الاختبار حتى إذا وجدته ثابت القدم في صحبتك صادق اللهجة في مخاطباته وجهته وجهتك في كل حالة كنت عليها يتألم بألمك ويسر بسرورك اتخذته عضدا ونصيراً وناصحاً ومشيراً واعتمدت عليه في دفع صدور الحوادث بقوة الحزم واتحاد الكلمة وتفارصت معه الأوقات لبلوغ المراد حيث لا مانع ولا دافع. فإن اعثرتك الأيام بنزيل هذه صفته فذاك وإلاّ فعليك بمن إذا حلت المصائب وآب النازحون إلى مقارّهم فراراً من مشاركتك في همومك كان قسيمك في النكبات يتناوب معك حمل الخوب ويحملك إذا ضعف ويبرك إذا احتجت ويعودك إذا مرضت وينصرك إذا خذلت ويدفع معك عدواً يحاربك ويحفظ معك وطناً لزمته ويصون لك عرضاً تبذل الروح في حمايته. أليس المهاجر من وطنه خلف القوت أو الثروة كالدرويش الذي يقف أمامك يبكي تارة ويتأوه أخرى ويحلف أنه ما ذاق في يومه طعاماً ولامست يده نقوداً ولا يمتلك غير ردائه وعصاه ثم يصعر خده

ويلتوى التواء الأفعى إظهاراً لألم الجوع ويده ممدودة وعينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015