علل النحو (صفحة 49)

فَأَما الْمُخَاطب: فيفصل بَينه وَبَين الْمُذكر، فَقيل: أَنْت تقوم، للمذكر، وَأَنت تقومين، للمؤنث، لِأَن الْمُخَاطب قد يشْتَرك فِيهِ الْمُذكر والمؤنث، فَلَا يعلم المُرَاد مِنْهُمَا إِلَّا بِالْفَصْلِ والتمييز، فاحتيج إِلَى الْفَصْل والتمييز فزيد على لفظ الْمُؤَنَّث يَاء وَنون، فَأَما الْيَاء فَهِيَ إِظْهَار الْفَاعِل، وفيهَا عَلامَة التَّأْنِيث، وَإِنَّمَا اخْتصَّ الْمُؤَنَّث بالعلامة لِأَنَّهُ فرع على الْمُذكر، فَاحْتَاجَ إِلَى زِيَادَة لفظ على لفظ الْمُذكر، كَمَا تَقول / قَائِم وقائمة، وَلم تجْعَل الْعَلامَة بِالنَّقْصِ من اللَّفْظ الَّذِي هُوَ الأَصْل، لِئَلَّا يَزُول مَعْنَاهُ، وَإِنَّمَا خص الْمُؤَنَّث بِالْيَاءِ عَلامَة، لِأَن عَلامَة التَّأْنِيث قد تكون بِالْكَسْرِ وبالياء فِي نَحْو: هذي أمة الله، ورأيتك ذَاهِبَة.

فَإِن قَالَ قَائِل: (12 / أ) من أَيْن زعمتم أَن الْيَاء فِي (تضربين) ضمير الْفَاعِل، دون أَن تكون عَلامَة مَحْضَة؟

قيل: إِذْ ثنينا أسقطنا الْيَاء، فَقُلْنَا: أَنْتُمَا تضربان، فَلَو كَانَت الْيَاء عَلامَة مَحْضَة، لم يجز إِسْقَاطهَا، أَلا ترى أَنَّك تَقول: قامتا، وذهبتا، فثبتت التَّاء مَعَ إِدْخَال الضَّمِير، فَلَمَّا سَقَطت الْيَاء علمنَا أَنَّهَا ضمير الْفَاعِل، لِأَن الْألف تكتفي مِنْهَا، وَلَيْسَت بعلامة مَحْضَة، وَلكنهَا عَلامَة وَضمير، وَإِنَّمَا زيدت عَلَيْهَا النُّون، لِأَن الْفِعْل لما ظهر فَاعله، وَالْفِعْل وَالْفَاعِل يمنزلة شَيْء وَاحِد، لم يخرج الْفِعْل بِإِظْهَار الْفَاعِل عَمَّا يُوجب لَهُ الْإِعْرَاب، إِذْ كَانَت المضارعة ثَانِيَة لَهُ، وَقد بَطل أَن يكون آخر الْفِعْل حرف الْإِعْرَاب، لِأَنَّهُ قد لزمَه اللين من أجل الْيَاء، فَوَجَبَ أَن تجْعَل عَلامَة الْإِعْرَاب، وَقد بَينا أَن النُّون تشبه حُرُوف الْمَدّ، وَهِي أولى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015