وَامْتَنَعَتْ فِي مَخْلِفِ الْإِطْعَامِ ... كَشَجَرِ الْمَوْزِ عَلَى الدَّوَامِ

وَمَا يَحِلُّ بَيْعُهُ مَنْ الثَّمَرِ ... وَغَيْرِ مَا يُطْعَمُ مِنْ أَجْلِ الصِّغَرِ

وَفِي مُغَيَّبٍ فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرْ ... وَقَصَبِ السُّكَّرِ خُلْفٌ مُعْتَبَرْ

يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ تَمْتَنِعُ فِيمَا يَكُونُ إطْعَامُهُ مُخَلَّفًا عَلَى الدَّوَامِ كَالْمَوْزِ فَعَلَى الدَّوَامِ يَتَعَلَّقُ بِمُخْلِفٍ وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَوْزِ الْقُرْطُ وَالْقَصَبُ وَشِبْهُ ذَلِكَ مِمَّا يُجْنَى وَيُخَلَّفُ مِرَارًا وَتَمْتَنِعُ أَيْضًا فِيمَا حَلَّ بَيْعُهُ مِنْ الثِّمَارِ لِبُدُوِّ صَلَاحِهِ وَفِيمَا لَا يُطْعَمُ مَنْ الشَّجَرِ مِنْ أَجْلِ صِغَرِهِ.

وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِهَا فِي مُغَيَّبِ الْأَصْل كَالْجَزَرِ وَهُوَ الْإسْفرَايِينيَّة وَاللِّفْتُ وَالْفُجْلُ وَنَحْوُهَا وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِهَا فِي قَصَبِ السُّكَّرِ أَمَّا مَنْعُهَا فِيمَا يُخَلَّفُ عَلَى الدَّوَامِ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ لِلْأُصُولِ الَّتِي تَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا شُرُوطٌ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَجْنِي ثَمَرَتُهُ وَلَا تُخَلَّفُ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا وَلَا تُخَلَّفُ مِنْ الْمَوْزِ وَالْقَصَبِ وَالْقُرْطِ وَالْبَقْلِ لِأَنَّهُ بَطْنٌ بَعْدَ بَطْنٍ وَجِزَّةٌ بَعْدَ جِزَّةٍ اهـ.

وَفِي الشَّارِحِ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ لِابْنِ يُونُسَ وَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْمَوْزِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا رَبُّهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ثَمَرٌ لِأَنَّ الْمَوْزَ يُجَزُّ ثُمَّ يُخَلِّفُ فَهُوَ كَالْقَصَبِ وَالْبَقْلِ وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْمَوْزِ فِي شَجَرَةٍ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ بُطُونِهِ عَشَرَةُ أَوْ خَمْسَةُ بُطُونٍ أَوْ مَا تُطْعِمُ هَذِهِ السَّنَةُ أَوْ سَنَةٌ وَنِصْفَانِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَالْقَضْبُ مِثْلُهُ اهـ.

وَمَعْنَى يُسْتَثْنَى مِنْ بُطُونِهِ أَيْ يُشْتَرَطُ وَأَمَّا مَنْعُهَا فِيمَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ الْمُسَاقَاةُ فِي كُلِّ ذِي أَصْلٍ مِنْ الشَّجَرِ جَائِزٌ مَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيَجُوزُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ كَالرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ اهـ (الْمَوَّاقُ) .

وَانْظُرْ هَذَا فَإِنَّ مَا حَلَّ بَيْعُهُ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ بِجُزْءٍ لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ (وَفِي الْمُوَطَّأِ) مُسَاقَاةٌ مَا حَلَّ بَيْعُهُ كَالْإِجَارَةِ قَالَ سَحْنُونٌ مُسَاقَاةُ مَا حَلَّ بَيْعُهُ هِيَ إجَارَةٌ جَائِزَةٌ ابْنُ يُونُسَ كَجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهِ وَلِأَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ حَازَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ وَأَمَّا مَنْعُهَا فِيمَا لَا يُطْعَمُ مِنْ الشَّجَرِ لِصِغَرِهِ فَقَالَ عِيَاضٌ مِنْ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي أَصْلٍ بِثَمَرٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَزْهَارِ وَالْأَوْرَاقِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا كَالْوَرْدِ وَالْآسِ وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ فَفِي ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ الْمُسَاقَاةُ فِي الزَّرْعِ وَالْجَزِّ وَالْبِطِّيخِ وَالْأُصُولِ الْمُغَيَّبَةِ جَائِزَةٌ عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَعْجِزْ وَفِيهِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يُسَاقَى شَيْءٌ مِنْ الْبَقْلِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رَبُّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَكَذَلِكَ اللِّفْتُ وَالْأُصُولُ الْمُغْنِيَةُ الَّتِي لَا تُدَّخَرُ فَهِيَ كَالْبَقْلِ اهـ.

وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي قَصَبِ السُّكَّرِ فَفِي ابْنِ يُونُسَ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِي قَصَبِ الْحُلْوَةِ فَقِيلَ تَجُوزُ أَيْ مُسَاقَاتُهُ وَقِيلَ لَا تَجُوزُ اهـ.

قَوْلُهُ وَمَا يَحِلُّ مَعْطُوفٌ عَلَى مُخَلَّفِ وَكَذَا لَفْظُ غَيْرِ وَقَوْلُهُ وَفِي مُغَيَّبٍ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَفِي الْأَرْضِ يَتَعَلَّقُ بِهِ خُلْفٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَمُعْتَبَرٌ صِفَةُ خُلْفٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015