الْأَشْجَارِ لَا يَتَعَلَّقُ بِلَازِمَةٍ كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ بَلْ بِتَجَوُّزِ مِقْدَارٍ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الزَّرْعِ قَبْلَ يُبْسِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ كَوْنِهِ زَرْعًا بِشَرْطِ عَجْزِ رَبِّهِ عَنْ عَمَلِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَمُطْلَقًا عَجَزَ عَنْ عَمَلِهِ أَوْ لَمْ يَعْجِزْ فَيَكُونُ كَالْأَشْجَارِ فِي قَوْلِهِ ابْنُ نَافِعٍ (ابْنُ رُشْدٍ) مَا كَانَ غَيْرَ ثَابِتٍ فِي الْأَصْلِ كَالْقِثَّاءِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالزَّرْعِ وَالْكَمُّونِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ حَتَّى يَعْجِزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ (ابْنُ يُونُسَ) رَأَى مَالِكٌ أَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الثِّمَارِ فَجُعِلَ الزَّرْعُ وَمَا أَشْبَهَهُ أَخْفَضَ رُتْبَةً مِنْ الثِّمَارِ فَلَمْ يُجِزْهَا إلَّا عِنْدَ شِدَّةِ الضَّرُورَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ إجَازَةِ الْمُسَاقَاةِ وَهُوَ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ فَيَصِيرَ نَبْتًا كَالشَّجَرِ اهـ.

فَقَوْلُهُ وَالزَّرْعِ هُوَ بِالْخَفْضِ عَطْفٌ عَلَى الْأَشْجَارِ وَجُمْلَةُ لَمْ يَيْبَسْ صِفَةٌ لِلزَّرْعِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ مُسَاقَاةِ الزَّرْعِ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَيْبَسْ أَمَّا أَنْ يَبِسَ وَبَدَا صَلَاحُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ فَلَا يَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي الزَّرْعِ وَغَيْرِهِ أَنْ لَا يَحِلَّ بَيْعُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ تَحَقَّقَا إلَى اشْتِرَاطِ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَبَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي قَوْلِهِ كَزَرْعٍ وَقَصَبٍ وَبَصَلٍ وَمَقْثَاةٍ إنْ عَجَزَ رَبُّهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ وَبَرَزَ وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ خَوْفُهُ عَلَى مَوْتِهِ وَرُبَّمَا اسْتَرْوَحَ مِنْ شَرْطِ عَجَزَ رَبُّهُ لِأَنَّهُ إذًا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتَ فَلَيْسَ بِعَاجِزٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ

قِيلَ مَعَ الْعَجْزِ وَقِيلَ مُطْلَقَا

يَرْجِعُ لِلزَّرْعِ فَقَطْ لَا لَهُ وَلِلْأَشْجَارِ ثُمَّ أَشَارَ النَّاظِمُ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ إلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ أَلْحَقُوا الْمَقَاثِئَ وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَالْكَتَّانِ وَالْبَصَلِ بِالزَّرْعِ أَيْ فِي جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا كَالْوَرْدِ قَالَ الشَّارِحُ لَيْسَ هُوَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَقَاثِئِ الْمُلْحَقَةِ بِالزَّرْعِ لِإِيهَامِهِ كَوْنَ الْوَرْدِ لَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ إلَّا مَعَ الْعَجْزِ وَإِنَّمَا هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى الْأَشْجَارِ وَيَكُونُ قَدْ ذَهَبَ فِي الْقُطْنِ عَلَى مَا حَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ جَوَازِ مُسَاقَاتِهِ وَإِنْ يَعْجِزَ عَنْهُ لَا عَلَى مَا حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَلَدِهِ وَأَمَّا الْوَرْدُ فَتَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ اتِّفَاقًا (قُلْت) وَالْأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مَا مِنْ قَوْلِهِ وَمَا كَالْوَرْدِ مَوْصُولًا مُبْتَدَأٌ وَكَالْوَرْدِ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْإِضْمَارِ صِلَةُ مَا وَالْقُطْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى كَالْوَرْدِ عَلَى مَا قَدِّمَا خَبَرٌ مَا وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ عَجْزِ رَبِّهِ عَنْهُ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَلَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْقُطْنِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ ذَلِكَ رَبُّهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْقُطْنَ عِنْدَهُمْ شَجَرٌ يُجْنِي سِنِينَ فَهُوَ كَالْأُصُولِ الثَّابِتَةِ وَأَمَّا بِبَلَدِنَا فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ رَبُّهُ لِأَنَّ أَصْلَهُ غَيْرُ ثَابِتٍ اهـ.

وَفِي الْمَوَّاق عَلَى قَوْلِهِ وَهَلْ كَذَلِكَ الْوَرْدُ وَنَحْوَهُ وَالْقُطْنُ مَا نَصُّهُ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْعَجْزُ بِاتِّفَاقٍ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقُطْنِ وَالزَّرْعِ أَيْ فَيُشْتَرَطُ الْعَجْزُ فِي الْقُطْنِ خِلَافًا لِمَنْ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْقُطْنَ كَالْوَرْدِ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَجْزُ وَقَوْلُ ابْنِ يُونُسَ اُخْتُلِفَ فِي الْوَرْدِ وَقَصَبِ الْحُلْوِ اهـ.

فَقَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ يُونُسَ هُوَ مَخْفُوضٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْ تَأَوَّلَ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْوَرْدَ لَا يُشْتَرَطُ عَجْزُ رَبِّهِ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ كَالشَّجَرِ وَإِنَّ الزَّرْعَ يُشْتَرَطُ فِيهِ عَجْزُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْقُطْنُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا قَدِمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ عَلَى مَا سَبَقَ لَهُ مَنْ الشَّارِحِ الْعَجْزُ فِي قَوْلِ مِنْ اعْتَبَرَهُ وَعَدَمِهِ فِي قَوْلِ مَنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَأَشَارَ الشَّيْخُ بِكَافِ التَّشْبِيهُ إلَى أَمْثَالِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015