الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ لِعَمَلِ الْمَاضِينَ.

(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) : قُلْت: وَلِأَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا فِي الْبَيْعِ وَثَمَنِهِ يُوجِبُ شِبْهَ مَجْمُوعِهِمَا بِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي أَحَدِهِمَا يُوجِبُ تَعَدُّدَهُمَا الْمُقْتَضِي لِلضَّمَانِ بِالْجُعْلِ اهـ. وَقَدْ ذَكَرُوا هُنَا مَسْأَلَةَ الْحُمَلَاءِ السِّتِّ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْتَ فِي التَّوْضِيحِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَ (تَضَامُنٌ) مُبْتَدَأٌ سَوَّغَهُ الْعَمَلُ فِي اشْتِرَاكٍ، وَ (فِي) بِمَعْنَى مَعَ، (وَاسْتِوَاءٍ) عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَجُمْلَةُ (خُفِّفَ) فِيهِ خَبَرُ تَضَامُنٌ، وَ (إنْ وَرَدْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا فَالْكَسْرُ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ حُذِفَ جَوَابُهَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، وَالْفَتْحُ عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ خُفِّفَ فِيهِ، لِأَنَّ (وَرَدْ) أَيْ لِوُرُودِهِ فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ مَعَ أَنَّ وَهُوَ كَثِيرٌ. .

وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعَاتِ ... وَثُلْثِ مَنْ يُمْنَعُ كَالزَّوْجَاتِ

يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الضَّامِنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَهُ التَّبَرُّعُ فِي الْمَالِ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى ثُلُثِهِ كَالْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ فِيمَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ مِقْدَارُ ثُلُثِهِ فَأَقَلَّ. فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَحْجُورِ مُطْلَقًا، وَلَا ضَمَانُ الْمَرِيضِ أَوْ الزَّوْجَةِ فِي الزَّائِدِ عَلَى ثُلُثِهِمَا. فَفَاعِلُ (صَحَّ) الضَّمَانُ (وَثُلُثِ) بِالْخَفْضِ عُطِفَ عَلَى أَهْلِ أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ مِنْ ثُلُثِ مَنْ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فَيَصِحُّ فِي الثُّلُثِ فَدُونَ، وَلَا يَصِحُّ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ (ابْنُ عَرَفَةَ) .

(الْبَاجِيُّ) : الْحَمِيلُ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهَا كَفَالَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ فِي ثُلُثِهَا، وَإِنْ تَكَفَّلَتْ لِزَوْجِهَا. فَفِيهَا (قَالَ مَالِكٌ:) عَطِيَّتُهَا زَوْجَهَا جَمِيعَ مَا لِهَا جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهَا عَنْهُ (الْبَاجِيُّ) . يُرِيدُ بِإِذْنِهِ، وَفِيهَا كَفَالَةُ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِهِ اهـ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا فِي ثُلُثِهَا لِأَجْلِ الزَّوْجِ، فَإِذَا أَذِنَ لَهَا - وَلَا حَجْرَ عَلَيْهَا - صَحَّ ضَمَانُهَا، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ مُنِعَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، فَإِذَا أَجَازُوا ضَمَانَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ صَحَّ.

(وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) " وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ.

وَهُوَ بِوَجْهٍ أَوْ بِمَالٍ جَارِ ... وَالْأَخْذُ مِنْهُ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ

يَعْنِي أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ ضَمَانُ الْوَجْهِ وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: (الْأَوَّلُ أَنْ يَتَبَرَّأَ ضَامِنُ الْوَجْهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا إنْ فَرَّطَ، وَيَبْرَأُ بِإِحْضَارِ الْمَضْمُونِ وَلَوْ مَيِّتًا:) : وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَبَرَّأَ مِنْ الْمَالِ وَيَقَعَ الضَّمَانُ مُجْمَلًا فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ كَمَا يُصَرَّحُ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ:

وَإِنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ جَاءَ مُجْمَلًا

إلَخْ (قَالَ فِي النَّوَادِرِ:) قَالَ (مَالِكٌ) : مَنْ تَحَمَّلَ بِوَجْهِ رَجُلٍ أَوْ بِعَيْنِهِ أَوْ بِنَفْسِهِ فَهُوَ سَوَاءٌ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَإِلَّا غَرِمَ الْمَالَ حَتَّى يَشْتَرِطَ فِي حَمَالَتِهِ لَسْتُ مِنْ الْمَالِ فِي شَيْءٍ، (مُحَمَّدٌ) .

أَوْ يَقُولُ: لَا أَضْمَنُ إلَّا الْوَجْهَ، فَهَذَا لَا يَضْمَنُ إلَّا الْوَجْهَ غَابَ الْغَرِيمُ أَوْ حَضَرَ أَوْ مَاتَ أَوْ فَلَّسَ لَا يُطْلَبُ إلَّا بِإِحْضَارِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي ضَمَانُ الْمَالِ، وَفِي تَعْيِينِ الْمَطَالِبِ بِالْمَالِ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ الضَّامِنِ تَفْصِيلٌ. كَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015