النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَغَرِمَ الْحَمِيلُ كَانَ رِبَا سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ فَقَضَاؤُهُ عَنْهُ سَلَفٌ، وَالزِّيَادَةُ الْجُعْلُ الْمُتَقَدِّمُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْجُعْلُ يَأْخُذُهُ الْحَمِيلُ أَوْ غَيْرُهُ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ يَحْصُلُ الْجُعْلُ أَوْ الْمَنْفَعَةُ لِلْغَرِيمِ وَكَانَتْ الْحَمَالَةُ بِمَا حَلَّ؛ لِيُؤَخِّرَهُ بِهِ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِمَا لَمْ يَحِلَّ؛ لِيَأْخُذَهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَإِذَا كَانَ الْجُعْلُ تَحْصُلُ مَنْفَعَتُهُ لِلْحَمِيلِ رُدَّ الْجُعْلُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا وَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِي الشَّرْحِ إنْ شِئْتَ (ابْنُ الْحَاجِبِ) .

وَلَا يَجُوزُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ.

(التَّوْضِيحُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ أَنْ يَأْخُذَ جُعْلًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْمِدْيَانِ أَوْ غَيْرِهِمَا.

(الْمَازِرِيُّ) وَلِلْمَنْعِ عِلَّتَانِ: أَوَّلُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بِيَاعَاتِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَقَالَ لِرَجُلٍ: تَحَمَّلْ عَنِّي بِثَمَنِهَا وَهُوَ مِائَةٌ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ بَاعَ سِلْعَةً وَقَالَ لِآخَرَ تَحَمَّلْ عَنِّي الدَّرْكَ فِي ثَمَنِهَا إنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ وَأَنَا أُعْطِيكَ عَشْرَةً لَمْ يَدْرِ الْحَمِيلُ هَلْ يُفْلِسُ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ أَوْ يَغِيبُ فَيَخْسَرُ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَمْ يَأْخُذْ إلَّا عَشْرَةً أَوْ يَسْلَمَ مِنْ الْغَرَامَةِ فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ. ثَانِيهِمَا أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مَمْنُوعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى الْغَرِيمُ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ بَاطِلًا وَإِنْ أَدَّى الْحَمِيلُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ صَارَ كَأَنَّهُ أَسْلَفَهُ مَا أَدَّى وَرَبِحَ ذَلِكَ الْجُعْلَ فَكَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ (مَالِكٌ) وَيُرَدُّ الْجُعْلُ (ابْنُ الْقَاسِمِ) . وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ الطَّالِبُ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ وَإِلَّا رَدَّ الْجُعْلَ. وَالْحَمَالَةُ عَامَّةٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي الْحَمَالَةِ مَحَلَّ الْحَاجَةِ مِنْهُ الْآنَ.

(فَائِدَةٌ) ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا: أَحَدُهَا الضَّمَانُ، وَالثَّانِي رِفْقُ الْجَاهِ، وَالثَّالِثُ الْقَرْضُ وَقَدْ جَمَعَهَا شَيْخُنَا الْعَالِمُ الْمُتَفَنِّنُ الْمَرْحُومُ بِفَضْلِ اللَّهِ وَكَرَمِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَاشِرٍ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:

الْقَرْضُ وَالضَّمَانُ رِفْقُ الْجَاهِ ... تُمْنَعُ أَنْ تُرَى لِغَيْرِ اللَّهِ.

وَالْحُكْمُ ذَا حَيْثُ اشْتِرَاطُ مَنْ ضَمِنْ ... حَطًّا مِنْ الْمَضْمُونِ عَمَّنْ قَدْ ضَمِنْ

يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ الْمَنْعُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ جَارٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ لَهُ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْمَضْمُونِ بَعْضَ دَيْنِهِ الْحَالِّ وَيَضْمَنُ لَهُ بَاقِيه إلَى أَجَلٍ يَضْرِبَانِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقِيلَ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَهُوَ أَبْيَنُ.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ) : وَاخْتُلِفَ عَنْ (مَالِكٍ) فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ فَأَخَّرَهُ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَتَحَمَّلَ بِهِ رَجُلٌ، وَيُسْقِطُ الطَّالِبُ بَعْضَ دَيْنِهِ.

فَقَالَ (مَالِكٌ) (وَابْنُ الْقَاسِمِ) (وَأَشْهَبُ) وَغَيْرُهُمْ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ضَعْ لَهُ بَعْضَ دَيْنِكَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَتَحَمَّلُ لَك بِمَا بَقِيَ إلَى أَجَلٍ آخَرَ: لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِحَقِّهِ حَالًّا، فَتَأْخِيرُهُ لَهُ بِحَمِيلٍ. وَقَالَ: سَلَفَ مِنْهُ بِحَمِيلٍ اخْتَلَفَتْ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْهُ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ.

(وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ) : لَا يَصِحُّ ذَلِكَ قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ دَيْنِكَ وَأَنَا أَتَحَمَّلُ لَك، فَتَكُونُ الْحَمَالَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَرَامًا وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ.

(وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ) فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ فَقَالَ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ: " هَلْ لَك أَنْ أَحُطَّ عَنْكَ دِينَارَيْنِ وَتُعْطِينِي بِالثَّمَانِيَةِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا " فَلَا بَأْسَ بِهِ (وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ:) لَا يَجُوزُ. اهـ قِيلَ: لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا فِي حُكْمِ مَنْ تَعَجَّلَ حَقَّهُ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ بَعْضَهُ. وَقَدْ ذَهَبَ النَّاظِمُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ، وَلَفْظُهُ يَشْمَلُهُمَا. .

وَبِاشْتِرَاكٍ وَاسْتِوَاءٍ فِي الْعَدَدْ ... تَضَامُنٌ خُفِّفَ فِيهِ إنْ وَرَدْ

التَّضَامُنُ تَفَاعُلٌ مَصْدَرٌ مِنْ تَضَامَنَ، وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمِنَ صَاحِبَهُ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَضْمَنَهُ هُوَ فَلَمْ يَقَع الضَّمَانُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الرُّخْصَةِ وَالتَّوْسِعَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ بَقِيَّةَ أَصْحَابِهِ لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا وُقُوعُ الِاشْتِرَاكِ فِي السِّلْعَةِ الْوَاقِعِ فِيهَا التَّضَامُنُ، وَثَانِيهِمَا الِاسْتِوَاءُ فِي الِاشْتِرَاكِ فِيهَا فَإِنْ. انْخَرَمَ أَحَدُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ.

(قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ:) لَوْ اشْتَرَيَا سِلْعَةً بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ لَجَازَ لِلْعَمَلِ فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِلْعَمَلِ أَنَّ الْقِيَاسَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015