وَمُكَاتَبٍ وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ هَذَا فِي الْحُكْمِ، وَأَمَّا فِي الْفَتْوَى فَلَا يَمْنَعُهُ الرِّقُّ أَنْ يُفْتِيَ وَلَا أَنْ يَرْوِيَ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فِي الْفَتْوَى وَالرِّوَايَةِ وَيَجُوزُ لَهُ إذَا عَتَقَ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَيْضًا (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَقْدَهَا مُوجِبٌ لِلْعَزْلِ فَتَنْفُذُ وِلَايَةُ الْأَصَمِّ وَالْأَعْمَى وَالْأَبْكَمِ، وَتَنْفُذُ أَحْكَامُهُ وَيَجِبُ عَزْلُهُ سَوَاءٌ وُلِّيَ كَذَلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ السَّلَامَةُ فِي الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمَقْصُودِ مِنْ الْفَهْمِ وَالْإِبْهَامِ لِفَاقِدِ بَعْضِهَا فَضْلًا عَنْ كُلِّهَا.

(تَنْبِيهٌ) زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةَ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فَطِنًا فَلَا يَجُوزُ وَلَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْمُقَلِّدِ وَلَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ هَكَذَا يَحْكِي أَصْحَابُنَا عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وِلَايَةُ الْمُقَلِّدِ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ وَإِلَّا صَحَّتْ وِلَايَةُ غَيْرِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ فَمُقَلِّدٌ (ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ أَعْلَمَ الْمُقَلِّدِينَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ إمَامِهِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَلِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ فَطِنًا لَا تَجُوزُ وِلَايَةُ الْمُغَفَّلِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ بَلْ اشْتِرَاطُهَا هُنَا أَوْلَى (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَبَقِيَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ شَرْطٌ تَاسِعٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي وَاحِدًا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ شَعْبَانَ وَغَيْرُهُمَا، أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّضَ الْقَضَاءُ إلَى اثْنَيْنِ لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَيَجُوزُ أَنْ يُنَصَّبَ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ أَوْ أَكْثَرُ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ أَوْ مُخْتَصٌّ بِنَاحِيَةٍ أَوْ نَوْعٍ، وَأَمَّا شُرُوطُ الْكَمَالِ فَذَكَرَ فِي النَّظْمِ مِنْهَا أَرْبَعَةً: الْأُولَى: الْجَزَالَةُ مَصْدَرُ جَزَلَ فَهُوَ جَزِيلٌ وَهُوَ الْعَاقِلُ الْأَصِيلُ الرَّأْيُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ عِيَاضٌ: الْجَزَالَةُ الْوَقَارُ وَالْعَقْلُ وَالْقَطْعُ وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالْقُوَّةِ وَالْإِحْكَامِ وَالْإِتْقَانِ وَمَعْنَى اُسْتُحْسِنَتْ اُسْتُحِبَّتْ قَالَ الشَّارِحُ: كَوْنُهُ جَزِيلًا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَات فِي خِصَالِهِ الْمُسْتَحَبَّةِ.

الثَّانِي: الْعِلْمُ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) نَصَّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015