وليس هذا خاصاً بالجنة والنار، فقد ذكر الله – تعالى – أن الجبال كانت تسبح مع نبي الله داود عليه السلام.

وقال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (?) .

وقوله: ((فقالت: يا رب ما لها)) . عدول بالخطاب من المتكلم إلى الغائب، كأن الراوي كره أن يأتي به على أصله خشية أن يظن ظان أنه مضاف إليه، وهذا كثير في روايات الحديث.

والمقصود بضعفاء الناس: فقراؤهم، وأهل المسكنة والتواضع، الذين لا يبغون في الأرض علواً ولا فساداً، ولا يترفعون على عباد الله، بل هم متواضعون لله خاضعون له، أذلة على المؤمنين، وإن كانوا عند ذوي السلطان حقيرين ساقطين في أعينهم، لا يؤبه لهم لديهم، فهم عند الله عظماء رفعاء.

قوله: ((قالت النار: يعني: أوثرت بالمتكبرين)) أي: خصصت بأهل التكبر على عباد الله والتجبر والظلم للناس باحتقارهم، وغمط حقوقهم.

قوله: ((فقال الله للجنة: أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء)) .

هذا هو حكم الله بينهما، يعني: أن الله – تعالى – خلق الجنة ليرحم بدخولها من شاء من عباده، من يتفضل عليه ويجعله مؤهلاً لذلك.

وأما النار فخلقها لمن عصاه وكفر به، وبرسله، يعذبهم بها.

وذلك كله ملكه يتصرف فيه كيف يشاء، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، ولكن لا يدخل النار إلا من استوجبها بعمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015