وقال النووي: ((هذا الحديث على ظاهره، وأن الله – تعالى – يجعل في النار والجنة تمييزاً تدركان له، فتحاجتا، ولا يلزم من هذا أن يكون ذلك التمييز دائماًً)) (?) .

قال الحافظ: ((وحاصل اختصامهما: افتخار إحداهما على الأخرى بمن يسكنها، فتظن النار أنها بمن ألقي فيها من عظماء الدنيا أبر عند الله من الجنة.

وتظن الجنة أنها بمن أسكنها من أولياء الله – تعالى – أبر عند الله.

فأجيبتا: بأنه لا فضل لأحدهما على الأخرى من طريق من يسكنها، وفي كلامهما شائبة شكاية إلى ربهما، إذ لم تذكر كل واحدة منهما إلا ما اختصت به، وقد ردَّ الله الأمر في ذلك إلى مشيئته)) (?) .

قلت: الظاهر أن افتخار النار على الجنة بأنها محل انتقام الله – تعالى – من الطغاة والمجرمين الذين عصوا الله وكذبوا رسله، وسخروا منهم وبارزوا الله بالجرائم والآثام.

وغالب هذا النوع من قادة الناس ورؤسائهم وأغنيائهم، وأهل السيادة والقيادة فيهم، وأهل التجبر والتكبر.

وأما الجنة فإنها اشتكت لكون من يدخلها الضعفاء والفقراء وأهل المسكنة غالباً، ولهذا قالت: ((ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم؟)) .

قوله: ((قالت الجنة)) إلى آخره. تقدم أن الصحيح أن هذا بلسان المقال، أي: أنه قول قالته الجنة حقيقة، وأن الله جعل لها شعوراً وتمييزاً، وعقلاً ونطقاً، والله لا يعجزه شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015