والآخر: أن يكون بمعنى ((الذي)) فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم والذي تعملونه، وذكر عن قتادة أنه قال: والله خلقكم وما تعملون بأيديكم (?) ، فهذا يدل على أنها موصولة عنده.

وقال شيخ الإسلام: قال الله – تعالى -: {قَالَ أَتَعبُدُونَ مَا تَنحِتُونُ {95} وَاللهُ خَلَقَكُم وَمَا تَعمَلُونَ} ((فما)) بمعنى ((الذي)) ، ومن جعلها مصدرية، فقد غلط، ولكن إذا خلق [الله] المنحوت، كما خلق المصنوع، والملبوس، والمبني، دل على أنه خالق كل صانع وصنعته (?) .

والمعنى: أن الآية فيها التصريح، بأن أصنامهم من مخلوقات الله، وإن كان شكلها، ووضعها، على صفة معينة من صنعهم، فإن الله هو الذي أقدرهم على ذلك، ويسر لهم أسبابه، ولهذا أخبر تعالى بأنه هو الذي خلق الفُلْك، وهي مصنوعة لبني آدم، قال تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} (?) ، وقال تعالى: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (?) وهذه كلها مصنوعة لبني آدم، وهذا يبين وجه دلالة الآية، المترجم بها، على أن الله هو خالق أفعال بني آدم، فهم وأفعالهم من خلق الله – تعالى -. وإن كانت ((ما)) في الآية موصولة، فلا داعي للتعسف والتكلف لجعلها مصدرية، حتى لا يكون فيها متعلق للقدرية المعتزلة، القائلين بأن العبد يخلق فعله بنفسه، فهذا قول ظاهر البطلان، وكل باطل لا يؤيده كتاب الله – تعالى -، بل يدل على بطلانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015