45

عناصر الدرس

* وجوب ذكره بعد الفعل

* تجريد عامله من علامة تدل على التثنية والجمع

* إلحاق بعض العرب العامل علامة تثنية أوجمع

* حذف عامله إذا دل عليه دليل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد:

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ فَإِنْ ظَهَرْ ... فَهْوَ وَإِلاَّ فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ

ما سبق في البيت السابق بيَّن فيه حدَّ الفاعل لكن بالمثال كما جرى عليه في سائر الأبواب، أكثرها يبين الحدَّ بالمثال وحينئذٍ تأخذ من المثال الأحكام المتعلقة من حيث إثبات الحقيقة.

قوله: اَلْفَاعِلُ الَّذِي، اَلْفَاعِلُ: مبتدأ، الَّذِي: خبره، كَمَرْفُوعَيْ هذا صلة الموصول، وأَتَى زَيْدٌ ومُنِيراً وَجْهُهُ ونِعْمَ الْفَتَى هذه متعاطفات على قوله: أَتَى زَيْدٌ، وأَتَى زَيْدٌ هذه في محل نصب لقولٍ محذوف، يعني: كقولك أتى زيد.

كَمَرْفُوعَيْ أَتَى، أشار بهذا إلى أن العامل في الفاعل هو الفعل، وهذا هو الصحيح من قول جمهور النحاة، إذ في المسألة أربعة أقوال والصواب: أن الفعل أو ما كان في معنى الفعل هو العامل في الفاعل وليس الفاعلية كما ظنه البعض، وليس هو والمفعول ترافعا -كل منهما طلب رفع الآخر أو نصب الآخر-.

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ فَإِنْ ظَهَرْ ... فَهْوَ وَإِلاّ فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ

بين في هذا البيت مسألتين وحكمين يتعلقان بالفاعل.

أما المسألة الأولى: فهي وجوب تأخير الفاعل عن عامله، يجب أن يتأخر، لا يجوز أن يتقدم، وأشار إليها بقوله: وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ.

المسألة الثانية: وهي يجب ذكر الفاعل ولا يجوز حذفه، أشار إليها بقوله:

فَإِنْ ظَهَرْ ... ... ... فَهْوَ وَإلاَّ فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ.

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ: فَاعِلٌ هذا مبتدأ مؤخر.

وَبَعْدَ: متعلق بمحذوف خبر مقدم.

بَعْدَ فِعْلٍ وشبهه -شبه الفعل-، لأن الفاعل ليس خاصاً بالفعل، وإنما ذكر أو خص الفعل لأنه الأصل.

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ: أي يجب أن يكون الفاعل بعد الفعل، لأن الفعل وفاعله كجزئي كلمة، ولا يجوز تقديم عجز الكلمة على صدرها، قام زيد، قالوا: هاتان الكلمتان في منزلة كلمة واحدة -كجزئي كلمة-، مثل: غلام زيد، وزيد لا يجوز أن يتقدم على غلام، مثله زيد في: قام زيد لا يجوز أن يتقدم على قام، ما الدليل على أنه كجزئي كلمة؟ نقول:

أولاً: دلالة الفعل على الفاعل دلالة التزامية، بمعنى: أن الفعل يدل على الحدث، وهذا يستلزم محدث فاعل، إذ لا يمكن -وهو ممتنع عقلاً- أن يوجد حدث بدون فاعل، هذا ممتنع، وحينئذٍ نقول: قام زيد، زيد هذا فاعل لقام، اقتضاه وطلبه واستلزمه لماذا؟ لأن القيام لا يتصور هكذا بدون محدث، قام يدل على قيام فحسب لا يدل على ذات، فحينئذٍ نقول: دلالة الفعل على الفاعل دلالة التزامية، وهي دلالة لفظ على خارج عن مسماه لازم له، وحينئذٍ ليس من مسمى قام أو يقوم أو قم الفاعل، ليس من مسماه، وإنما هو لازم له، وإذا لزمه حينئذٍ لا ينفك عنه البتة، لا بد أن يوجد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015