لنكن عباداً لله حقيقة وإلا فكل ما في الكون هو عبد لله: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً [مريم:93] كلهم عباده، لكن فرق بين العبد المتعبد بالاختيار، وبين العبد الذي يتكبر عَلَى الله، فلا بد أن نحقق عبودية الاختيار لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولنحذر من الاعتراض عَلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى والاعتراض عَلَى أمره وأقداره وأحكامه، فإن هذه تتنافى مع اليقين والتوحيد، وتتنافى مع التفكر، لأنه لا يعترض إلا الجاهل الذي لم يتفطن إِلَى حكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أبداً، من إذا قيل له: هذا حرام اعترض، هذا جاهل بحكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في التشريع، ومن إذا قيل له: هذا قدر الله، فاعترض وأبى هذا جاهل بحكمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالمقادير،.

فيجب أن يكون المؤمن دائماً منقاداً مذعناً مستسلماً لربه تَبَارَكَ وَتَعَالَى، هذه الدرجة التي لو بلغ الإِنسَان ذروتها لكان كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وإذا وصل العبد إِلَى هذه الحالة، فإنه يصبح في منزلة عظيمة عند ربه عَزَّ وَجَلَّ كما في حديث الولي (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، ولئن سئلنى لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن، هو يكره الموت، وأنا أكره مساءته، ولا بد له منه) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015