الصَّعْبِ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَهُمْ بِاصْطِيَادِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُرُّ بِهِ فَصَادَهُ لِأَجْلِهِ، وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى الِاصْطِيَادِ، وَعَلَى لَحْمِ مَا صِيدَ لِلْمُحْرِمِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ الْمَبْنِيَّةِ لِلْمُرَادِ مِنَ الْآيَةِ، وَتَعْلِيلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّعْبِ بِأَنَّهُ مُحْرِمٌ، لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ صِيدَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ بَيَّنَ الشَّرْطَ الَّذِي يُحَرِّمُ الصَّيْدَ عَلَى الْإِنْسَانِ إِذَا صِيدَ لَهُ، وَهُوَ الْإِحْرَامُ، وَقَبِلَ حِمَارَ الْبَهْزِيِّ، وَفَرَّقَهُ عَلَى الرِّفَاقِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَتَكَسَّبُ بِالصَّيْدِ، فَحَمَلَهُ عَلَى عَادَتِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، وَدَعْوَى نَسْخِهِ لِأَنَّهُ كَانَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِحَدِيثِ الصَّعْبِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهَا إِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ، كَيْفَ وَالْحَدِيثُ الْمُتَأَخِّرُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْحُرْمَةِ الْعَامَّةِ صَرِيحًا، وَلَا ظَاهِرًا حَتَّى يُعَارِضَ الْأَوَّلَ فَيَنْسَخَهُ، هَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ أَهْدَى لَحْمًا، أَمَّا عَلَى أَنَّهُ أَهْدَاهُ حَيًّا، فَوَاضِحٌ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَبُولُ صَيْدٍ وُهِبَ لَهُ وَشِرَاؤُهُ وَاصْطِيَادُهُ وَاسْتِحْدَاثُ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَأَصْلُ الْإِجْمَاعِ: الْآيَةُ، وَحَدِيثُ الصَّعْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ، وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ رَدِّ هَدِيَّةِ الصَّدِيقِ لِمَا يَقَعُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَيَّبَ نَفْسَهُ بِذِكْرِ عُذْرِ الرَّدِّ، وَفِيهِ رَدُّ مَا لَا يَجُوزُ - لِلْمُهْدَى - الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ أَيْضًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015