الْمُهْمَلَةِ، فَأَلِفٍ، فَنُونٍ - مَوْضِعٌ قُرْبَ الْجُحْفَةِ، أَوْ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ أَقْرَبُ إِلَى الْجُحْفَةِ مِنَ الْأَبْوَاءِ بَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ، وَالشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي، وَجَزَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِوَدَّانَ، وَجَزَمَ مَعْمَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو بِالْأَبْوَاءِ، (فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ رَدَّ الْحِمَارَ عَلَى الصَّعْبِ، وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَةُ كُلُّهَا عَلَى رَدِّهِ إِلَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: " «أَنَّ الصَّعْبَ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَجُزَ حِمَارِ وَحْشٍ وَهُوَ بِالْجُحْفَةِ، فَأَكَلَ مِنْهُ، وَأَكَلَ الْقَوْمُ» " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا، فَلَعَلَّهُ رَدَّ الْحَيَّ، وَقِيلَ: اللَّحْمَ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنْ كَانَتِ الطُّرُقُ كُلُّهَا مَحْفُوظَةً، فَلَعَلَّهُ رَدَّهُ حَيًّا، لِكَوْنِهِ صِيدَ لِأَجْلِهِ، وَرَدَّ اللَّحْمَ تَارَةً لِذَلِكَ، وَقِيلَ: تَارَةً أُخْرَى حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ.

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ الصَّعْبُ أَهْدَى حِمَارًا حَيًّا فَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ حِمَارًا وَحْشِيًّا حَيًّا، وَإِنْ كَانَ أَهْدَى لَحْمًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّهُ صِيدَ لَهُ.

وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ رَدَّهُ ظَنُّهُ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ، فَتَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الْقَبُولُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَلَى حَالِ رُجُوعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَّةَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ جَازِمٌ فِيهِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ فِي الْجُحْفَةِ، وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الرِّوَايَاتِ بِالْأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ.

(فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا فِي وَجْهِي) مِنَ الْكَرَاهَةِ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْكَسْرِ بِرَدِّ هَدِيَّتِهِ قَالَ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ: (إِنَّا) - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِوُقُوعِهَا فِي الِابْتِدَاءِ - (لَمْ نَرُدَّهُ) - بِفَتْحِ الدَّالِ - رَوَاهُ الْمُحَدِّثُونَ، وَقَالَ مُحَقِّقُو النُّحَاةِ: إِنَّهُ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ: ضَمُّ الدَّالِ كَآخِرِ الْمُضَاعَفِ مِنْ كُلِّ مُضَاعَفٍ مَجْزُومٍ اتَّصَلَ بِهِ ضَمِيرُ الْمُذَكَّرِ مُرَاعَاةً لِلْوَاوِ الَّتِي تُوجِبُهَا ضَمَّةُ الْهَاءِ بَعْدَهَا، لِخَفَاءِ الْهَاءِ فَكَأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَلِيَ الْوَاوَ، وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَ الْوَاوِ إِلَّا مَضْمُومًا هَذَا فِي الْمُذَكَّرِ، أَمَّا الْمُؤَنَّثُ مِثْلَ: رَدَّهَا، فَمَفْتُوحُ الدَّالِ مُرَاعَاةً لِلْأَلِفِ، ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَجَوَّزَ الْكَسْرَ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَضْعَفُ مِنَ الْفَتْحِ، وَإِنْ أَوْهَمَ ثَعْلَبٌ فَصَاحَةَ الْفَتْحِ، وَقَدْ غَلَّطُوهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْفَصِيحِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ضَعْفِهِ، (عَلَيْكَ) لِعِلَّةٍ مِنَ الْعِلَلِ (إِلَّا أَنَّا) - بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ - أَيْ لِأَجْلِ أَنَّا، (حُرُمٌ) - بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ - جَمْعُ حَرَامٍ، وَالْحَرَامُ: الْمُحْرِمُ، أَيْ مُحْرِمُونَ، وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِهِ مَنْ حَرَّمَ لَحْمَ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ مُطْلَقًا صَادَهُ الْمُحْرِمُ، أَوْ صَادَهُ حِلٌّ لَهُ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِهِ، وَقَالَ بِهِ عَلِيٌّ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّلَ رَدَّهُ بِأَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَقُلْ بِأَنَّكَ صِدْتَهُ لَنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] (سُورَةُ الْمَائِدَةِ، الْآيَةُ 96) وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إِلَى أَنَّ مَا صَادَهُ حَلَالٌ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْصِدِ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ أَكْلُهُ لِلْمُحْرِمِ بِخِلَافِ مَا قُصِدَ بِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِ مَا صِيدَ لَهُ بِلَا إِعَانَةٍ مِنْهُ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ السَّابِقِ، وَحَدِيثِ جَابِرٍ، مَرْفُوعًا: «صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادَ لَكُمْ» " الرِّوَايَةُ يُصَادَ - بِالْأَلِفٍ - عَلَى لُغَةٍ كَقَوْلِهِ: أَلَمْ يَأْتِيكَ.

وَحَمَلُوا حَدِيثَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015