قال العلماء: بحسن نية الملك أو نائبه للناس يدخل الله الخيرات والبركات على الناس، وبشؤم نيته لهم تقل بركاتهم وتغلو أسعارهم.

ويدل على ذلك ما نقله الغزالي في نصيحة الملوك عن وهب بن منبه أنه قال: إذا همَّ الوالي بالجور وعمل به أدخل الله تعالى النقص في أهل مملكته والزرع والضرع والثمر، وإذا همَّ بالعدل أدخل الله البركة في أهل مملكته، فقد كانت الحنطة في العصر الأول أكبر جرماً من هذا اليوم، وأكثر بركة، وأرخص سعراً.

وروي الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض الملوك من بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها: «هذا كان ينبت العدل» .

وحكي عن ابن عباس أنه قال: كان ملك من الملوك يخرج مستخفياً ليعلم أخبار مملكته، فنزل على رجل عنده بقرة تحلب حلاب ثلاثين بقرة، فلما أصبح حدث نفسه بأخذها فلم تحلب إلا الشيء اليسير الذي تدره له فقال له الملك: ما بال حلابها نقص عن عادتها، أرعت في غير موضعها الذي كانت فيه؟ فقال: لا ولكن ملكنا أظن أنه همَّ بالجور فنقص لبنها، فإن الملك إذا ظلم أو همَّ بالظلم ذهبت البركة، فعاهد الملك الله تعالى في نفسه أن لا يأخذها ولا يظلم، فراحت بين الظعن فحلبت مثل عادتها الأولى، فتاب الملك إلى الله سبحانه وتعالى.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015