وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار " 1. (1) وفي رواية: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر (2) "2.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحديث أخرجاه في الصحيحين وغيرهما من طريق معمر وغيره من أوجه عن أبي هريرة وغيره، بهذا اللفظ وغيره، وفي الحديث زيادة وهي "بيدي الأمر" وفي رواية " لا تقولوا: يا خيبة الدهر؛ فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار، فإذا شئت قبضتهما " 3. وفي رواية: " يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار "4. ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم بلفظ: كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، وهو الذي يهلكنا ويميتنا ويحيينا، فقال الله: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} 5 الآية. فقال الله: " يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار " 6 وأخرج ابن إسحاق عن أبي هريرة: " يقول الله: استقرضت عبدي فلم يعطني، ويسبني عبدي: وادهراه، وأنا الدهر " 7. قال بعض السلف: كانت العرب في جاهليتها من شأنها ذم الدهر، أي سبه عند النوازل، فكانوا إذا أصابهم شدة أو بلاء أو ملامة قالوا: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وقالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعل ذلك هو الله، فإذا أضافوا ما نالهم من الشدائد إلى الدهر فإنما سبوا الله عز وجل؛ لأن الله هو الفاعل لذلك حقيقة، فنهى الله عن سب الدهر بهذا الاعتبار، وقد تبين معناه من قوله: "بيدي الأمر أقلب الليل والنهار". وتقليبه تصرفه تعالى فيه بما يحبه الناس ويكرهونه.

(2) ومعنى هذه الرواية هو ما صرح به من قوله "وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار " يعني أنما يجري فيه من خير وشر إنما هو بإرادة الله وتدبيره، بعلم منه تعالى وحكمة لا يشاركه في ذلك غيره، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015