بكفر. فتبين أن الاستهزاء بآيات الله ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف، ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم. ولكن لم يظنوه كفرًا وكان كفرًا كفروا به، فإنهم لم يعتقدوا جوازه.

وقوله: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} 1. قال ابن كثير: أي: لا يعفى عن جميعكم، ولا بد من عذاب بعضكم بأنهم كانوا مجرمين بهذه المقالة الفاجرة. قيل: إن الطائفة مخشي بن حُمَير عفا الله عنه وتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدًا لا يعلم مقتله، فقتل يوم اليمامة، ولم يعلم مقتله، ولا من قتله، ولا يدرى له عين ولا أثر. وقيل: إن الطائفة زيد بن وديعة. والأول أشهر، ويحتمل أن الله عفا عنهما جميعًا.

وفي الآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر لا يعذر بذلك، بل يكفر، وعلى أن الشاك2 كافر بطريق الأولى نبه عليه شيخ الإسلام.

[النهي عن الخوض بآيات الله والاستهزاء بها]

قال: عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة دخل حديث بعضهم في بعض أنه "قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء. يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراء. فقال له عوف بن مالك: كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقًا بنسعة3ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الحجارة لتنكب رجليه وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ما يلتفت إليه وما يزيد عليه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015