موصولة، أي: وبيان ما يكفره من الذنوب. ويجوز أن تكون مصدرية، أي: وبيان تكفيره الذنوب، وهذا أرجح، لأن الأول يوهم أن ثم ذنوبًا لا يكفرها التوحيد، وليس بمراد، ولما ذكر معنى التوحيد، ناسب ذكر فضله وتكفيره للذنوب ترغيبًا فيه وتحذيرًا من الضد.

وقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} 1.

قال بعض الحنفية في تفسيره: هذا ابتداء. قال [عبد الرّحمن] ابن زيد وابن إسحاق: هذا من الله على فصل القضاء بين إبراهيم وقومه. قال الزجاج: سأل إبراهيم وأجاب بنفسه. وعن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية قالوا: فأينا لم يظلم؟ قال عليه السلام: " {إن الشرك لظلم عظيم} ". [البخاري 3636] وكذا عن أبي بكر الصديق أنه فسره بالشرك، فيكون الأمن من تأييد العذاب. وعن عمر أنه فسره بالذنب، فيكون الأمن من كل عذاب. وقال الحسن والكلبي: {أولئك لهم الأمن} في الآخرة {وهم مهتدون} في الدنيا. انتهى. وإنما ذكرته، لأن فيه شاهدًا لكلام شيخ الإسلام الآتي في الحديث الذي ذكره حديث صحيح في "الصحيح" [البخاري 3636] ، و"المسند" [3588] ، وغيرهما. وفي لفظ لأحمد عن عبد الله [بن مسعود] قال: " لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} 2 شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله فأينا لا يظلم نفسه؟ قال: "إنه ليس الذي تعنون "، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح:. يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم إنما هو الشرك ".

قال شيخ الإسلام: والذي شق عليهم ظنوا أن الظلم المشروط هو ظلم العبد لنفسه، وأنه لا أمن ولا اهتداء إلا لمن لم يظلم نفسه، فبيّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما دلهم على أن الشرك ظلم في كتاب الله، وحينئذ فلا يحصل الأمن والاهتداء إلا لمن لم يلبس إيمانهم بهذا الظلم، فمن لم يلبس إيمانه به كان من أهل الأمن والاهتداء، كما كان من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015