توجيه اللمع (صفحة 585)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

= لا ينشد إلا برفع الناس, لأنه سمع قائلًا يقول: الناس ينتجعون غيًا, فحكى ما سمعه, وحدثت أن بعض الحمقى أنشد بنصب الناس, وبفتح الباء من بلال, ولا خفاء في جهله بالبيت, لأن ذا الرمة يمدح بلال بن برده, وصيدح اسم ناقته وهو «فيعل» من صدح إذا صوت.

فإذا سألت «بمن» فالسؤال بها على قسمين: الأول: أن يكون عن معرفة والثاني: أن يكون عن نكرة, فالمعرفة قسمان: علمٌ, وغير علم, فالعلم: نحو زيد وأبي محمد وبطه, وللعرب فيه مذهبان: أما أهل الحجاز فيحكون إعرابه إذا سألوا عنه رفعًا ونصبًا وجرًا, فإذا قلت: جاءني زيد أو قام أبو محمد قال: من زيد (و) من أبو محمد, وإذا قلت: رأيت زيدًا وكلمت أبا محمد, قالوا: من زيدًا؟ ومن أبا محمد؟ وإذا قلت: مررت بزيد أو مررت بأبي (محمد) قالوا: من زيد؟ ومن أبي محمد؟ وإنما حكوا الإعراب ليعلم السائل المتكلم أن سؤاله عمن ذكره, لأنه لفظ به كما لفظ به, والحكاية مخالفة للأصل, لأنه لا يلزم من كون الاسم معربًا إعرابًا خاصًا في كلام المسئول إعرابه ذلك الإعراب في كلام السائل, لأن العاملين مختلفان.

فإن عطفت فلت لمن قال: رأيت زيدًا: فمن زيد أو ومن زيد, بطلت الحكاية لأنك لما جئت بحرف العطف علم أنك تسأله عمن ذكره لعفطك على كلامك. وبنو تميم يرفعون جمع ذلك, فيقولون لمن قال: جاءني زيد, أو رأيت زيدًا, أو مررت بزيد:

من زيد؟ لأن جهتي الكلامين مختلفتان.

وغير العلم: نحو: المضاف والمعرف باللام لا يحكي, فإذا قال: رأيت أخاك أو مررت بالرجل, قلت: / من أخوك؟ ومن الرجل؟ .

وإنما اختصت الحكاية بالعلم, لأنها باب من أبواب التغيير, والأعلام موضوعة على التغيير, وهي شاذة فلا تطرد في غيره, وإذا قلت حاكيًا: من زيدًا؟ ومن زيد؟ كان من في موضع رفع بالابتداء والمنصوب والمجرور بعده مرفوع الموضع, لأنهما خبره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015