قوله في رده وزارته إلى العباس، وإقراره أصحاب الدواوين على دواوينهم. وانصرفت الجماعة مع الوزير إلى منزله، وكان له غرفة في حريم البستان الزاهر المجاور لدار القاسم على دجلة سكنها عند خدمته القاسم في التوقيع بين يديه. وعجب الناس من تقلد العباس عجباً طال، ولم تزل به الحال إلى أن ملك الأمور، وأسرف في التجبر والاستكبار، فأرداه ذاك وأورده شر مورد ونسأل الله حسن العاقبة.

وحدث عبد الرحمن قال: حدثني الوزير أبو الحسن أخي قال: كنت بمكة، فاتفق يوم شديد الحر وحر تهامة إذا اشتد ضرب به المثل قال: فصليت الظهر جماعةً في المسجد الحرام، وطفت وسعيت وركعت عند المقام، ثم انصرفت وقد مسني من الحر ما زاد علي فيه الأمر، فتمنيت في الوقت شربة سويقع بثلج، وأولعت نفسي بالفكر فيها، فزجرتها وقلت: ثلج في تهامة! وحمدت الله تعالى على نعمة العافية، فما لبثت والله أن ظهر في السماء قزع من غيم، ثم اجتمع وانتظم وجاء ببرق ورعد متصل، ثم بمطر وبل، ثم ببرد في غاية الكبر. فجمع الغلمان منه ما ملئوا به حباً من حباب الماء. وكان هذا بعد صلاة العصر، فما كان فطوري إلا على سويق وسكر وثلج وماء مائع، وبقينا على ذلك ثلاثة أيام ولله الحمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015