وختمت الرقعة وتقدم بتسليمها إلي، فأخذتها وقبلنا الأرض وعدنا. فحين بلغنا درجة باب الخاصة من دار القاسم سمعنا الواعية فنزل من أعلمنا أنه قضى في الوقت عند وصولنا إلى الباب، قال عبد الرحمن: وكان حديث أبي الحسن أخي لنا بذلك وإسحاق بن حنين المتطبب في مجلسه فقال: أحدثك يا سيدي حديثه في هذه الحال، وذلك أنه دعاني، وقد حضر اليأس، ولم يبق إلا تردد النفس. فقال لي: يا إسحاق حبس النبض وانظر هل بقي من الذماء ما يفي بانتظار جواب الخليفة؟ فجسسته وكان قد سقط، فقلت: الحال صالحة. فقال: أعيذك بالله، لا والله ما أحسبني ألحق ذلك. ثم قال: انظروا الطيار هل أقبل؟ وتنفس مرة أو مرتين وقضى، وما زال أخي يعجب من أمره قال أخي: فلما عرفنا وفاته عدنا إلى دار السلطان، فوجدنا الخليفة قد خلا، وعرفنا خفيفاً السمرقندي الحاجب الصورة حتى أنهاها، وتقدم إلينا بالبكور في غد، وانصرفنا إلى دار القاسم وأقمنا إلى أن جهز ووري وعزينا والدته ووالده. وشاع أمر العباس، وتقررت الوزارة له واعتماد المكتفي بالله عليه، وحضر الكتاب من غد دار السلطان، وهم: العباس بن الحسن وعلي بن عيسى ومحمد بن داود بن الجراح وعلي بن محمد بن الفرات، ومحمد بن عبدون وهو أكبرهم سناً؛ لأنه ولد في سنة ست وثلاثين ومائتين، وابن الفرات في سنة إحدى وأربعين ومائتين، ومحمد بن داود في سنة ثلاث وأربعين ومائتين وعلي بن عيسى في سنة خمس وأربعين ومائتين والعباس في سنة خمسين ومائتين. ووصل العباس وعلي ابن عيسى إلى الخليفة دون غيرهما، فأمضى أمر العباس، ووصى علي بن عيسى بالضبط والاحتياط، وأدخل الناس بعد ذلك على طبقاتهم فعزوا الخليفة، وسمعوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015