النبوات وإرسال الرسل

تمهيد

الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده، وأرحم بهم من آبائهم وأمهاتهم، وعلاقته بهم في المعاملة قائمة على الكرم الإلهي، والعفو والمغفرة، وإنارة سبل الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة، ولا يأخذ الله تعالى عبده بالشدة إلا ليربيه نتيجة انحرافه فينأى عن الضلال ويستقيم مع ربه، أو ليجازيه بعدله على تمرده وظلمه وعصيانه بعد أن أمهله فلم يزدجر، ووعظه فلم يتذكر، ودعاه فلم يلب النداء.

هذه هي أصول المعاملة بين الله وبين عباده، ولا يمكن معرفة الخط الإلهي الحكيم وإدراك التشريع الرباني الكامل، والشعور بما بين العبد وربه من علاقة طيبة رحيمة جميلة إلا إذا نزل بذلك من عند الله كتاب فيه ما يريد الله أن يقوله لعباده، وما يأمرهم به وما ينهاهم عنه، ويرشدهم إليه لتتحقق مصالحهم في دنياهم، وليجازيهم بما رتبه على أوامره ونواهيه من جزاء.

وفيه بيان أنواع العلاقات بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان والأشياء. وفيه بيان بعض ما في الكون من مخلوقات لها صلة بالإنسان مع أنه لا يراها وعليه أن يتخذ منها مواقف معينة كالملائكة والجن والشياطين وغيرهم.

وفيه بيان مصير الإنسان وجزائه، في اليوم الآخر بالجنة أو النار، وفيه غير ذلك مما لا يمكنه الوصول إليه عن طريق آخر غير طريق الوحي الإلهي المنزل على نبي أو رسول اختاره الله سبحانه واصطفاه ليتلقى عن الله وحيه ويبلغه إلى الناس ويسير فيهم على هدى هذا الوحي منفذا له ومطبقا بدقة لكل ما فيه من تشريعات وأخلاق وآداب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015