هناك دون شك ما هو أكثر منها لولا أنه لم يكشف عنه بعد.

وحين نبحث أمر المعابد في سبأ أو في غيرها نبحثها على ثلاثة أسس، وهي:

أ) أن المؤرخ يستمد تاريخ الحضارات القديمة ويستنتجه من كل ما تركه أهلها في عالم الفكرة وعالم المادة.

ب) ما سبق أن ذكرناه من أن الآثار القائمة للأمم القديمة تعتبر من أصدق الدلالات على مدى إمكاناتها الاقتصادية والصناعية والفنية، فضلًا عن دلالتها على معتقدات قومها الدينية.

ج) أن المعابد لا تزال أكثر ما بقي من آثار الأمم القديمة، نتيجة لبناء أغلبها من الأحجار الصلبة، ومحافظة القدماء عليها بالترميم والإضافة جيلًا بعد جيل، نظرًا لما كانوا يفترضونه فيها من الحرمة والقداسة.

ومع هذه الأسس التي يجب تقديرها في الدراسات التالية لا بأس من الاكتفاء بالمعالم الرئيسية في دراسة المعابد وغيرها من الآثار المعمارية والفنية دون ضرورة للالتزام هنا بالتفاصيل الدقيقة فيها، ولا بأس كذلك من التعقيب على العناصر الدينية فيها بما تختلف به عن العقائد الإسلامية، كلما تطلب الأمر ذلك.

أنشئ معبد العاصمة صرواح الكبير لمعبود دولتها الأكبر الذى أطلق عليه اسم إلمقه ربما بمعنى الإله المقتدر أو الآمر، أو الإله البهي أو الجميل. ودل لفظ إل أو إيل عند العرب الجنوبيين وعند شعوب سامية قديمة أخرى في العراق والشام على معنى الإله. كما استخدم بنفس المعنى في اللغة العربية الشمالية أيضًا في مثل أسماء: إسماعيل وجبرائيل وميكائيل وإسرائيل ... وهلم جرا.

وتأكيدًا لقداسة أصلهم تلقب حكام سبأ بلقب ولد إلمقه أي: أبناؤه. وخص السبئيون معبودهم الأكبر هذا بربوبية القمر واعتبروه سيد وعول صرواح بما يعني تعدد المعبودات فيها إلى جانبه ورئاسته لهم. وقدسوا معه في معبد العاصمة ربة باسم حريمت ربما كزوجة له، وهي ترمز في أغلب الظن إلى روبوبية الشمس. وهكذا توافرت للقمر عندهم وعند بقية عرب شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام منزلة أكبر من منزلة الشمس، على عكس شعوب الهلال الخصيب الزراعية، ربما لانتفاع أهل شبه الجزيرة بالقمر في مسرى القوافل وتوقيت الشهور، مع شدة هجير الشمس وقسوتها لاسيما في البيئات الصحراوية. وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015