وأما ضمّة الصاد فى قولك: يا منص، فتختلف تقديرا، فتكون فى لغة من قال: يا حار، هى الضمّة الأصلية، وفى لغة من قال: يا حار، هى ضمّة حادثة كالضمّة فى قولك: يا زيد، كما أن كسرة الهاء فى قولك: ناقة هجان ككسرة الكاف من كتاب، والكسرة فيها إذا قلت: نوق هجان (?) -وهى البيض الكرام-ككسرة الكاف من كلاب، وكما أن ضمّة الفاء من الفلك فى قوله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ} (?) غير ضمّة الفاء منه، فى قوله: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (?) لأن ضمّة الفاء من {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} ضمّة الواحد، فى نحو قفل وبرد، وضمّة فائه فى الآية الأخرى ضمّة الجمع من نحو حمر وخضر.

فإن رخّمت مختارا ومنقادا وما أشبههما، مما ألفه أصليّة منقلبة عن ياء عين، أو واو عين، نحو مغتاظ ومعتاد، لم تحذف ألفه كما حذفت ألف حمّاد وعمّار، ألا ترى أن مختارا أصله: مختير مفتعل، أو مختير مفتعل من الاختيار، ومنقادا أصله: منقود، منفعل من القود، فلما لم تكن زائدة أقرّت فقيل: يا مختا، ويا منقا.

وكذلك تبقى حرف العلّة إذا كان يبقى بعد حذفه حرفان، وذلك فى نحو سعيد وجميل وعقيل، وهلال وبلال، وثمود وعجوز، إذا سمّيت به، تقول: يا سعى ويا جمى ويا عقى، ويا هلا ويا بلا ويا ثمو ويا عجو، فى لغة من قال: يا حار، وفى اللغة الأخرى: يا ثمى ويا عجى، لأن المنادى فى هذه اللغة بمنزلة اسم تامّ، على ما عرّفتك، وذلك من حيث لم يكن المحذوف مرادا، وليس فى العربية اسم ظاهر معرب آخره واو قبلها ضمّة، فمتى أدّى إلى ذلك قياس رفضوه، فأبدلوا من ضمّته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015