تعلّمهما معا فقد أطاع، وإن تعلّم أحدهما فقد أطاع، فهى فى هذه المعانى الثلاثة بمنزلة «أو» والفرق بينهما أنك إذا قلت: جاءنى إمّا زيد وإمّا جعفر، فقد بنيت كلامك على الشكّ، وإذا قلت: جاءنى زيد أو جعفر، فإنّما اعترضك الشكّ بعد أن مضى صدر كلامك على اليقين (?).

ومن الفرق بينهما أن «إمّا» ليست من حروف العطف، كما زعم بعض (?) النحويّين، لأنه لا يخلو أن تكون الأولى منهما عاطفة أو الثانية، فلا يجوز أن تكون الثانية عاطفة؛ لأنّ الواو معها، والواو هى الأصل فى العطف، فإن جعلت «إمّا» عاطفة فقد جمعت بين عاطفين، ولا يجوز أن تكون الأولى عاطفة؛ لأنها تقع بين العامل والمعمول، كقولك: خرج إمّا زيد وإمّا بكر، ولقيت إمّا زيدا وإمّا بكرا، فهل عطفت الفاعل على رافعه، أو المفعول على ناصبه؟ فأمّا قوله تعالى: {حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السّاعَةَ} (?) فانتصاب {الْعَذابَ} على أنه بدل من قوله: {ما يُوعَدُونَ} وإنما ذكرها من ذكرها من النّحويّين فى حروف العطف تقريبا؛ لأنها بمعنى «أو» ولأنّ إعراب ما بعد الثانية كإعراب ما قبلها.

وقد أجازوا أن تأتى بها غير مكرّرة، وذلك إذا كان فى الكلام عوض من تكريرها (?)، كقولك: إمّا أن تكلّمنى كلاما جميلا وإلاّ فاسكت، المعنى: وإمّا أن تسكت، واستشهدوا بقول المثقّب العبدىّ:

فإمّا أن تكون أخى بصدق … فأعرف منك غثّي من سمينى (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015