فكأنّه قال: الغيث أبخل السُعاة، ولو قال ذلك لم ينكره منكر، وإن كان هذا السعي ابتناء المعالي لا السعي على الأقدام، وقدأنشدني بعض من أثِق به لبعض العرب:

متى نوّهْت في الهيجاء باسمي ... أتاك السيفُ أوّلَ منْ يُجيب

لمّا جعل السيفَ مُجيباً له ألحقه بمن تصحّ منه الإجابة من العقلاء. وكإنكارهم قوله:

أثابَ بها مُعميي المِطيّ ورازِمُهْ

فزعموا أن كلام العرب: ثاب جسم فلان: رجع لقوته بعض المرض؛ وهذا أبو زيد يروي عن العرب: أثاب الرّجلُ إذا ثابَ إليه جسمُه، وقد حكاه عنه أبو عبيد في الغريب المصنف، وحكى غيره ثابَ وأثابَ بمعنى واحد.

ولو عرّجنا على كل معترِض وأصغينا لكل قائل لامتدّ بنا القول ولأعجزَنا كثرةُ الخصْم عن امتحان الشهادات، وشغلنا باتّصال الدعوى عن التوسّط، وإنما يقصد بالكشف ما يشتبه، ويتوسط في الأمر الذي يشكل ويلتبس. ونصون كتابنا عن سخيف الاعتراض، كما نصونه عن ضعيف الانفصال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015