وليس فيها ما يقبل الحُسْن منفردًا به إلا "الغريب سندًا لا متنًا" إذا سَلِمَ راويه مِن الانحطاط عن درجة الحَسَنُ، وسواء قُيِّدَتْ غرابتُهُ براوٍ معين، كقوله: "غريب مِن حديث فلان"، أو "من حديث فلان عن فلان، لا نعرفه إلا مِن هذا الوجه"، أو لم تقيَّد.

وأمّا غرابة بعض المتن -وهي الزيادة المتصلة بالحديث- فلا يتأتى فيها التحسين؛ لأن غرابتها راجعة إلى المتن.

فقد تبيّن أنَّ الغريب قد يقبل الوصف بالصحة أو بالحُسن، أو بهما معًا على ما تقدم كما يأتي عنده أيضًا، أو لا يقبل الوصف بواحد منهما، فلا يُورَد على الغريب الموصوف بوصف آخر إلَّا مَن وجده موصوفًا به في القسم الذي يمتنع وصفه به كما بيّنَاه -وما إخاله يجدهُ-.

قد رأيت عن الحافظِ أبي الفضل محمَّد بن طاهر المقدسي قال: "وأمّا الغريب من الحديث، كحديث الزهريّ وقتادة، وأشباههما مِن الأئمة ممن يجْمَع حديثهم، إذا انفرد الرجلُ عنهم بالحديث يسمَّى غريبًا، وإذا رواه عنهم رجلان وثلاثة، واشتركوا في حديث؛ يسمَّى عزيزًا، وإذا روى الجماعة حديثًا سُمِّيَ مشهورًا".

قال المقدسي (?): "اعلم أن الغرائب والأفراد على خمسة أنواع:

• فالنوع الأول: غرائب وأفراد صحيحة، وهو: أن يكونَ الصحابيّ مشهورًا برواية جماعة مِن التابعين عنه، ثم ينفرد بحديثٍ عنه أحدُ الرواة الثقات لم يروه عنه غيره، ويرويه عن التابعي رجلٌ واحد مِن الأتباع، ثقةٌ، وكلهم مِن أهل الشهرةِ والعدالةِ، وهذا حَدٌّ في معرفة "الغريب والفرد الصحيح"، وقد أُخرِج له نظائر في الكتابين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015