واشتهر منها اسم "عبد الله" الذي كان يعم كل أنحاء جزيرة العرب. وهذا الاسم ورد على صورتين أما بإضمار الاسم الكريم وإما بالتصريح به وكلاهما قد تسمى به نصارى كثيرون في الجاهلية فأما الصورة الأولى فقد جاء على صورة (عبد) كعبد بن حنيف أحد بني لحيان من لخم باني دير الأكيراح (معجم المستعجم ص373) وكطرفة بن العبد الشاعر الشهير وعلى صورة (عبْدة وعبَدة) كعبْدة بن الطبيب (الأغاني 18: 163) وعلقمة بن عبَدة وكلاهما من فحول الشعر.

وعلى صورة (عبدان) اسم رجل من أهل البحرين (التاج 2: 411) وعلى صورة (عُبيد وعَبيد) كعُبيد بن الأبرص الشاعر الشهير (الأغاني 19: 84) وعُبيد بن عويج القرشي (الأغاني 6: 60) وعبيد بن أوس الظفري وعبيد بن رفاعة الزرقي (أسد الغابة لابن أثير 3: 346_348) . وعلى صورة (عبيدة) كعبيدة بن عبد المطلب (اشتقاق ابن دريد ص54) . وعلى صورة (عابد) كعابد بن عبد الله بن مخزوم (تاج العروس 2: 414) . وقد مر أن "العباد قبائل شتى من العرب اجتمعوا بالحيرة على النصرانية" (ابن دريد ص7) . وقد وردت أيضاً على صورة (عبادة) كعبادة بن عقيل (ابن دريد ص182) وصورة (عبّود) روى في التاج (2: 413) اسم يدعى رجل يدعى عبوداً آمن بالأنبياء. وعلى صورة (عبّاد) كعباد بن عمرو بن كلثوم الشاعر النصراني (الأغاني 9: 183) وكالحارث بن عباد سيد بني بكر في حرب البسوس (شعراء النصرانية ص270) . وعلى صورة (عُبادى) قال في التاج (8: 414) أنه "اسم نصراني". وعلى صورة (عبدون) المنسوب إليه دير عبدون (مستعجم البكري 474) أم المضاف إلى الاسم الكريم (فعبد الله) وهو اسم كثر من تسمّى به من أهل الجاهلية حتى بلغوا المئتين كعبد الله بن جدعان سيد قريش وممدوح أمية بن أبي الصلت (الأغاني 8: 2_6) وعبد الله أبي رسول الإسلام. وكالشاعرين عبد الله بن رواحة (الأغاني 4: 4 7) وعبد الله بن الزبعري (أسد الغابة 3: 159) وعبد الله بن غطفان (التاج 7: 239) الخ. وقد جاء على صورة التصغير (عُبيد الله) كعبيد الله ابن الحر الجعفي الفارس الشاعر (ابن دريد 243 وحماسة البحتري ص103) وعبيد الله بن عبد المدان (حماسة البحتري ص137) . وكذلك اختصروه (بعبدل) كعبدل بن حارث العجلي وعبد بن حنظلة أحد شرفاء العرب (التاج 2: 414) وقد أضافوا العبد إلى الأسماء الحسنى الدالة على الإله الحق فقالوا (عبد الواحد) كعبد الواحد بن منيع السعدي (حماسة أبي تمام (ص303 ed. Freytag) وقالوا (عبد الرحمان) كعبد الرحمان بن رواحة من الصحابة (ابن دريد 268) وعبد الرحمان بن كعب (فيه 271) وعبد الرحمان بن ربعي (حماسة البحتري ص33) وغيرهم كثيرين. روى ابن دريد في الاشتقاق عن ابن الكلبي (ص36) أن "الرحمّان صفة منفردة لله تبارك وتعالى اسمه لا يوصف بها غيره ... وقال ابن الكلبي قد سمّت العرب في الجاهلية عبد الرحمان ... وروي للشنفرى في الرحمان:

لقد لطمتْ تلك الفتاةُ هجينها ... ألا بترَ الرحمنُ ربّي يمينها"

وأقد الآثار التي ورد فيها اسم الرحمان الكتابة الحميريّة التي رقمت على سد مأرب سنة 542_543 للمسيح بأمر أبرهة ملك الحبش ففي أولها ما تعريبه "بقوة ونعمة ورحمة الرحمن ومسيحه وروحه القدوس" (راجع الصفحة 63 من الجزء الأول) وعليه قد ثبت أن اسم الرحمان اسم نصراني وإليه انتسب الذين دعوا باسم عبد الرحمان. ومثل (الرحيم) كعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي (حماسة أبي تمام 49و 45) .

وقد أضافوا العبد إلى أسماء حسنى غيرها كالأعلى من صفاته تعالى فقالوا (عبد الأعلى) كعبد الأعلى بن صامت العبدي (حماسة البحتري ص203) . وكذلك أضافوا إلى الملك فقالوا (عبد الملك) كعبد الملك المذكور آنفاً. وعبد الملك بن أكيدر صاحب دومة الجندل النصراني السابق ذكره وعبد الملك بن علقمة الثقفي (أسد الغابة 3: 332) . وأضافوا إلى المنّان فقالوا (عبد المنان) منهم عبد المنّان بن عبد المسيح المتلمس الشاعر النصراني (الأغاني 11: 187) . وإلى الحميد فقالوا (عبد الحميد) منهم عبد الحميد ابن حفص بن المغيرة المخزومي (أسد الغابة 3: 276) فهذه الأسماء كلها تشير إلى توحيد أصحابها في الجاهلية وقد سبق القول أن اعتقاد الإله الواحد في الجاهلية دخل خصوصاً بواسطة الدين المسيحي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015