ويسترون بها العيوب، ويستقيلون بها العثرات، ويستدركون بها الهفَوات، التي قد استخلصوها من بديع الحرير الصيني، ومليح المُلحَم النيسابوري، وصفيق الدَّبيقي الحَفي، ونقي التاختَج والقوهي. وتغلغلوا إلى الكتابة في ذلك بالذهب والمِسك والزعفران، والسُّكّ، واتّخذوا لها طَرائف المناديل الرِّقاق، وجِياد الزنانير الدقاق، وطيّبوها بالمِسك والذرائر، وعَنْونوها بمُتظرّفات الأمثال والنوادر، وخَتموها بالغالية المستمسِكة، وطبعوها بنُتَف الألفاظ المهلِكة؛ وقد ضُمّنَت من مَليح المُكاتبة، وطرائف المُعاتبة، وجميل المطالبة، وشكيل المداعبة، ما يُقرّبون به البعيد، ويُهوّنون بن الشديد.

وقد بيّنت ذلك أحسن البيان، وشحتُه بأخصّ المعاني، ووصفتُ ما يتوصّلون به من الوسائل، وما يُضمّنونه كتبهم من الرسائل، في كتابٍ مفرَدٍ، وكلام مجرَّدٌ، ترجمته: كتاب فرح المُهَج، وجعلتُ ما فيه ذَريعةً إلى الفَرج، فأغنى عن تطويل هذا الباب، ما مرّ في ذلك الكتاب. وأنا أصف لك أيضاً في كتابنا هذا جُملة ما استحسنوه بينهم من المُكاتبة، وما استعملوه بينهم من المعاتبة، وأقصد في ذلك إلى مُداعبة الكُتّاب، ومعاتبة الأحباب، وما تعاتبوا به من الأبيات، واختاروه من المُقطّعات، وما ذكروا على العُنوانات من الكلام، وما ضَمّنوه في كتبهم من السلام، على غير نقصٍ مني لكل ما في ذلك من الأشعار، إذ كان قصدي في كلّ أبواب الكتاب إلى الاختصار. وبالله أستعين وأستكفي، وإياه أسترشد وأستهدي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015