لأن ذلك ليس فيه شهود المنكر، ولا إعانة على معصية؛ لأن نفس الابتياع منهم جائز، بل فيه صرف لما قد يبتاعونه لعيدهم عنهم، فيكون فيه تقليل الشر، وقد كانت أسواق في الجاهلية كان يشهدها المسلمون، وشهد بعضها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كما لو سافر الرجل إلى دار الحرب ليشتري منها جاز عندنا، كما دل عليه حديث تجارة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض الشام وهي دار حرب، وأحاديث أخر.

وأما بيع المسلم لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والريحان ونحوه وإهداء ذلك لهم، فهذا فيه نوع إعانة على إقامة دينهم وعيدهم المحرم، وهو مبني على أصل، وهو أن بيع الكفار عنبا أو عصيرا يتخذونه خمرا لا يجوز، وكذلك لا يجوز بيعهم سلاحا يقاتلون به مسلما، وقد دل حديث عمر - رضي الله عنه - في إهداء الحلة السيراء إلى أخ له بمكة مشرك على جواز بيعهم الحرير، لكن الحرير مباح في الجملة، وإنما يحرم الكثير منه على بعض الآدميين، ولهذا جاز التداوي به في أصح الروايتين، ولم يجز بالخمر بحال، وجازت صنعته في الأصل والتجارة فيه، فهذا الأصل فيه اشتباه.

فإن قيل بالاحتمال الأول في كلام أحمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015