المنتحل (صفحة 258)

وقال البحتري:

بقومي جميعاً لا أُحاشى ولا أكْنى ... أبو جعفرٍ تربُ العلى وحيا المزنِ

سحابٌ إذا أعطى شهابٌ إذا سطا ... لهُ عزَّةُ الهنديّ في هزَّةِ الغصنِ

لشهرِ ربيعٍ منه ما لا يفي بهِ ... جزاءٌ ولو كنَّا بأضعافهِ نثني

غداةَ غدا من سجنهِ البحرُ مطلقاً ... وما خلت أنَّ البحر يسجن في السجنِ

وليستْ لهُ إلاَّ السماحُ جنايةٌ ... إذا أُخذ الجاني ببعض الذي يجني

تقلقلَ منهُ في الحديدِ عزيمةٌ ... يكلُّ الحديدُ عن جوانبها الخُشنِ

فما فلَّ ريبُ الدَّهرِ من ذلك الشبا ... ولا زعزعَ المكروهُ من ذلك الركنِ

تجلَّى لنا من سجنهِ وهو خارجٌ ... كما ذرَّ قرنُ الشَّمس من خِلل الدَّجْنِ

وقال آخر:

جعلتُ فداكَ الدَّهر ليس بمنفكِّ ... من الحادث المشكوّ والنازل المُنكى

وما هذهِ إلاَّ منازلِ رحلة ... فمن منزل رحبٍ إلى منزل ضنكِ

وقد هذَّبتكَ الحادثاتُ وإنَّما ... صفا الذهبُ الإبريز قبلك بالسبكِ

أما في رسولِ اللهِ يوسفَ أُسوةٌ ... لمثلك محبوساً على الضيم والضنكِ

أقامَ جميلَ الصبرِ في السجنِ برهةً ... فآل بهِ الصبرُ الجميلُ إلى المُلكِ

وقال آخر:

فلا تيأسنْ فالله ملَّك يوسفاً ... خزائنه بعد الخلاصِ من السجنِ

وقال أحمد أبو الطيب المتنبي:

كنْ أيُّها السجنُ كيف كنت فقدْ ... وطنتُ للموت نفس معترفِ

لو كانَ سكنايَ فيكَ منقصةً ... لم يكن الدّرُّ ساكنَ الصدفِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015