وقولُه (?): {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (?) معناه: وما صِيدَ، أي: مَا صَادَهُ (?) {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} خرجَ مخرَجَ قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} (?) والكلامُ يدلُّ على أنّهم سألوا عن الصَّيدِ فيما ساَلُوا عنه، وذلك مذكورٌ في الحديث، رُوِيَ عن زَيد الخَيل وعَدِيّ ابنِ حَاتِم أنّهما قالا: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لَنَا كِلابًا نَصِيدُ بِهَا البَقَرَ وَالظِّبَاء، فَمِنهَا مَا ندرِك وَمِنهَا مَالَا ندرك إِلَّا ميتًا، وَقَد حَرَّمَ اللهُ المِيتَةَ، فَسكتَ عنهُمَا رَسُول اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فَاَتزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} الآية (?).

وَرَوَى أبو رَافِع قال: جاءَ جبريلُ إلى النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - يَسْتَأْذِنُ عَلَيهِ فَأذِنَ لَهُ فَقَال: قَد أَذِنَّا لَكَ يَا رَسُول اللهِ، قَالَ: أَجَل، وَلَكِنَّا لَا نَدخُلُ بَيتًا فِيهِ كَلبٌ (?)، قال أَبُو رَافِع: فَأَمَرَ أنّ نَقتُلَ الكِلَابَ بِالمَدِينَةِ، فَقَتَلْتُ حَتى انْتُهَيتُ إِلَى امرَأَةٍ عِندَهَا كَلبَّ يَنْبَحُ عَلَيهَا، فَتَرَكتُه، ثُمَّ جِئتُ رَسُولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - فَأَخبَرتُهُ، فَأَمَرَنِي بِقَتلِهِ، فَسَكَتَ، فَأتزَل اللهُ تَعَالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} الآية (?)، وَهَذَا هو الصَّحِيحُ،

وقوله (?): {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} فالجوارحُ معناها: الكَوَاسِب، جرح إذا كسب، فالجوارحُ هي الّتي يُصَادُ بها، وهي الكلابُ والفهودُ والبُزَاةُ والصُّقُورُ، وما أَشبَهَ ذلك.

ومن أهل العلم من قال: لا يُؤكَل إِلَّا صيدُ الكلابِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015