والهيئات الَّتِي هِيَ الصّلاح. فَأَما من أَتَى مَا يُوجب حدا مَا قذف مُحصنَة أَو مَا سوى ذَلِك من الْأَشْيَاء الَّتِي توجب الْحُدُود، فَلَا يجب التَّجَافِي عَنهُ، لِأَنَّهُ قد خرج بذلك عَن ذَوي الهيئات وَالصَّلَاح، وَصَارَ من أهل الْفسق؛ فَوَجَبَ إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ، ليَكُون ذَلِك ردعاً لَهُ وَلغيره رزقنا الله الاسْتقَامَة {
وَمن الْقُضَاة بقرطبة وصدور رجالها، أسلم بن عبد الْعَزِيز. وَكَثِيرًا مَا كَانَ النَّاصِر لدين الله يستخلفه فِي سطح الْقصر، إِذا خرج فِي سَبِيل الْغَزْو، ثِقَة مِنْهُ بِعِلْمِهِ وَدينه وحزمه.
وَمِنْهُم أَحْمد بن عبد الله بن أبي طَالب الأصبحي. قَالَ عَنهُ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق: وَأَخْبرنِي غير وَاحِد أَنه كَانَ يحلق شَاربه ويستأصله؛ وَكَانَ ذَلِك مذْهبه فِي إحفاء الشَّارِب. وَكَانَ رجلا وقوراً، متثبتاً، متورعاً؛ إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة، أخرج الْكتاب الَّذِي فِيهِ تِلْكَ الْمَسْأَلَة بِعَينهَا؛ فقرأها على السَّائِل، وَقَالَ لَهُ: هَذَا مَا قيل فِي هَذَا. فَإِن سُئِلَ عَن فَرِيضَة من الْمَوَارِيث، أفتى السَّائِل فِيهَا بأصلها؛ فَإِذا سَأَلَهُ عَن الْقِسْمَة، قَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى الحاسب}
وَمِنْهُم أَحْمد بن بَقِي بن مخلد. ولي الْقَضَاء سنة 314. وَكَانَ من خير الْقُضَاة، وَأَكْثَرهم رفقا وإشفاقاً، بِحَيْثُ يُقَال إِنَّه لم يقرع أحدا من النَّاس فِي طول مُدَّة قَضَائِهِ بِسَوْط وَكَانَت نَحوا من عشرَة أَعْوَام إِلَّا رجلا وَاحِدًا مجمعا على فسقه. وَكَانَ شَأْنه فِي الْحُكُومَة أَن ينفذ من الْأُمُور الظَّاهِر الْبَين الَّذِي لَا ارتياب فِيهِ، ويتأنى،