فكتب إليها:

كيف السرور وأنت نازحة ... عني وكيف يسوغ لي الطرب

إن غبت غاب العيش وانقطعت ... أسبابه وألحت الكرب

وابتدأ الجواب، فلم تلبث أن جاءت على حمار فبادر إليها وتلقاها حافيا حتى جاء بها إلى صدر المجلس، يطأ الحمار بساطه وما عليه حتى أخذ بركابها فأجلسها في مجلسه وجلس بين يديها، ثم قال:

ألا ربَّ يوم قصر الله طوله ... بقرب عريب، حبذا هو من قرب

بها تحسن الدنيا وينعم عيشها ... وتجتمع السراء للعين والقلب

وكان يطيف الخاطر بعؤيب فتقوله شعراً ثم تصوغه لحناً ثم توقعه غناء يستطير قلب الحكيم ويستخف وقار الحليم، ومن شعرها ولحنها وغنائها قولها:

لو كان يقدر أن يبثك ما به ... لرأيت أحسن عاتب يتعتب

حجبوه عن بصري فمثَّل شخصه ... في القلب فهو محجب لا يحجب

ومنه:

أما الحبيب فقد مضى ... بالرغم مني لا الرضا

أخطأ في تركي لمن ... لم أُلْفَ عنه مُعْرضا

ومنه:

إذا كنت تحذر ما تحذر ... وتزعم أنك لا تجسر

فما لي أقيم على صبوتي ... ويوم لقائك لا يقدر

ومن بديع إجازتها للشعر وتضمينها إياه، ما حدّث على ابن المنجم، قال:

دخلت يوما على عريب مسلماً عليها، فلما جلست هطلت السماء بمطر عظيم، فقالت: أقم عندي اليوم حتى أغنيك أنا وجواري وأبعث إلى من أحببت من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015