النهار. وقام من أبطال العرب من قطع وُضُن النساء حتى لا يجدن سبيلاً إلى الفرار إذا جاشت به

نفوس ذويهن؛ فتأججت عند ذلك قلوب القوم، وأرهفت أنياُبهم، واستحالوا إلى صواعق ساحقة. ثم انحسر القتال وقد ضربوا أعداءهم ضربة أطارت قلوبهم، فنكصوا على أعقابهم، وفزعوا إلى ديارهم، وسيوف أولئك البواسل، القلائل، الأباة الضيم، الحماةِ الذَّمار، تعمل في أقفيتهم حتى أرباض المدائن. وفي ذلك يقول العُديل العِجلى:

ما أوقد الناس من نار لمكرُمة ... إلا اصطلينا وكنا موقدي النار

وما يَعُدٌّون من يوم سمعت به ... للناس أفضَلَ من يوم بذي قار

جئنا باسلابهم والخيلُ عابسة ... لما استلبنا لكسرى كل أُسوار

ذلك يوم ذي قار. ذلك يوم انتصاف العرب من الفرس، وتحريرهم من رقهم ولم تكن المغالاة بالمرأة العربية وقفاً على ذوات الثراء والسناء منهن. فقد كان يغَالي بها وتغالي بنفسها، مها هان أمرها، أو اتضعت عشيرتها، ومثل ذلك ما حَدَّث ابن الأثير أن أحد دهاقين الفرس جَهدَ أن يتزوج امرأة من باهلة فأبت عليه ذلك. كل ذلك رَغم ما لدَهاقين الفرس من سعة العيش، ونعومة الحال، وما بلغته باهلة بين العرب، من لؤم الحسب، وانصداع النسب.

كذلك بلغ من غضب العربي للمرأة، وحرصه على كرامتها، ووقف شرفه على شرفها: أن يعمد الرجل منهم إلى الملك المتوج فيقصم هامته، حِيَاطة لهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015