وقال ابن العماد: ومن تآليفه "الإقناع" جرد فيه الصحيح من مذهب الإمام أحمد، لم يؤلف مثله في تحرير النقول، وكثرة المسائل (?).

فهو كتاب جليل القدر، عظيم النفع، قد استعاض فيه مؤلفه عن إيراد الأدلة والتعليلات، بالإستكثار من الفروع والفوائد والمسائل، فجاء الكتاب -على اختصاره- جامعًا لأصول المذهب وفروعه. وقد جعله مؤلفه على قول واحد، كما صرح بذلك في المقدمة، فقال: اجتهدت في تحرير نقوله واختصاره بعدم تطويله، مجردًا غالبًا عن دليله وتعليله، على قول واحد، وهو ما رجحه أهل الترجيح، منهم العلامة القاضي علاء الدين، المجتهد في التصحيح في كتبه "الإنصاف" و"تصحيح الفروع" و"التنقيح" وربما ذكرت بعض الخلاف لقوله (?).

وبالنظر إلى موقع الحجاوي في سلسلة فقهاء الحنابلة بالاعتبارين الزماني والمكاني نستطيع أن نصل إلى معرفة ما كان يقصد إليه في كتابه هذا، وذلك أنه -رَحِمَهُ اللهُ- عاش في الصالحية التي كانت تجمع من كتب الفقه الحنبلي وغيره العجب العجاب، ثم إنه وجد بين يديه عمل رجلين جليلين محققين، فأراد أن يجمع بين جهودهما ويستكمل عملهما، وهذان الرجلان هما: الشمس ابن مفلح (763 هـ) والعلاء المرداوي (885 هـ).

فأما عمل الشمس ابن مفلح، فيتمثل أساسًا بجمع فروع المذهب في كتابه الجليل المسمى بـ"الفروع" الذي وصفه بعض العلماء: بأنه مكنسة المذهب.

وأما العلاء المرداوي، فيتمثل عمله في تصحيح المذهب في كتبه الثلاثة الشهيرة، وهي: "الإنصاف " و"تصحيح الفروع" و"التنقيح".

فيكون ابن مفلح جمع فروع المذهب، والمرداوي صححها، لكن بقي اختلاف الروايات والوجوه موجودًا في كلا تصنيفي الشيخين، فجاءت الفكرة بتكوين متن يجمع بين محاسن "الفروع" ومحاسن تصحيحات المرداوي، فتحرى الشيخ الحجاوي رحمه الله أن يستقصي في تجريد الفقه الحنبلي من ذكر الخلاف، وإنهائه جهد المستطاع، فتجد الكتاب خاليًا إلى حد بعيد من ذكر الروايات والوجوه والتخريجات والإحتمالات. ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015