إنه وضع كتاب "الإقناع" بعد ما تهيأت له مادته من عمله في اختصار "المقنع" في كتابه المسمى "زاد المستقنع" بالإضافة إلى حواشيه التي وضعها على كل من كتابي "التنقيح" و"الفروع".

وبهذا يعتبر كتاب "الإقناع" من أعظم ما صنف الحجاوي بحق، فهو يشكل حجر الزاوية في مصنفاته، حتى صار يعرف بكتابه هذا دون غيره، فيقال: صاحب "الإقناع"، فكانت شهرة الكتاب مغنية عن التصريح باسم مؤلفه، كما يعد عمدة في المذهب، لأنه جمع فيه الراجح من أقوال المتقدمين والمتأخرين، فصار بحق ديوان المذهب (?).

طريقة الحجاوي في هذا الكتاب:

وأما طريقة المؤلف في كتابه هذا، فهي طريقة المتون المجردة من كل دليل وتعليل، ولا يتعرض لذكر الخلاف العالي (الخلاف بين المذاهب) ولا الخلاف داخل المذهب، مما يدل على أنه جهد نفسه غاية الجهد في الإقتصار على الصحيح من الروايات، والراجح من الأقوال، فهو يفتح الباب بإيراد مسائله متتابعة في سبك عجيب، وعبارة سهلة جزلة يمكن لأي أحد فهمها، كما هو الشأن في غالب كتب الحنابلة ومصنفاتهم.

أهمية الكتاب وقيمته:

يعتبر كتاب "الإقناع" أحد المتون الثلاثة التي حازت اشتهارًا أيما اشتهار في مكتة الفقه الحنبلي، وهي: "مختصر الخرقي" و"المقنع" للموفق ابن قدامة و"الإقناع" (?).

فالإقناع بما تميز به من الميزات التي ذكرناها -وأهمها التجريد من الخلاف- صارت له عند الحنابلة المنزلة العظيمة، والرتبة الرفيعة، وعلى مسائله تدور الفتيا، ومرجع القضاء، وعكف عليه المتأخرون بالتحشية، والإختصار، وحلّ الغريب، وقد زاد اعتماده وقبوله شرحه الفرد الفريد لمحقق المذهب الشيخ منصور البهوتي (1051 هـ) المسمى "كشاف القناع".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015