إما طريقة المتكلمين، أو طريقة الشَّافعية التي رسمها الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة" الذي يعد أول كتاب صنف في أصول الفقه. وأما طريقة الفقهاء أو طريقة الحنفية التي رسمها الكرخي والجصاص وأبو زيد الدبوسي وأمثالهم. وظل الوضع على هاتين الطريقتين حتى القرن السابع، فظهرت طريقة جديدة ألَّفت بين الطريقتين ومزجت بين المنهجين، ويعتبر ابن الساعاتي الحنفي (694 هـ) صاحب الفضل والسبق في ذلك في كتابه "بديع النظام" الذي جمع فيه بين "الإحكام" للآمدي الشافعي و"أصول البزدوي" الحنفي (?).

وأما الحنابلة فقد نهجوا نهج الشافعية في غالب تصنيفاتهم، وأثْروا المكتبة الأصولية إثراء ملحوظاً.

ومع الأسف فإن كثيراً من الناس كان -ولا يزال- يعتقد أنه ليس للحنابلة كتب أصول مستقلة الوجهة واضحة النزعة، والحقيقة غير ذلك، فإني لما أتممت جمع المصادر لكتاب "أصول مذهب الإمام أحمد" من مكتبات المملكة العربية السعودية، ومكتبات مصر، والشام، وتركيا، والعراق، وغير ذلك؛ لما تم مسح الفهارس والإطلاع على ما للحنابلة من مصنفات في هذا الشأن، وَضُح أن مخطوطاتهم في أصول الفقه تعدّ بالمئات (?).

ومن أشهر الكتب المؤلفة في الأصول الفقهية الحنبلية:

• "العُدة في أصول الفقه" للقاضي أبي يعلى (458 هـ). وقد اختصره في مختصر لطيف.

• "التمهيد في أصول الفقه" لأبي الخطاب الكلوذاني (510 هـ).

• "الواضح في أصول الفقه" لأبي الوفاء ابن عقيل (513 هـ).

وكلا الرجلين تلميذٌ للقاضي أبي يعلى، إلا أن أبا الخطاب تتبع أبا يعلى في إيراد الأقوال، والإستدلال والمناقشة، بخلاف ابن عقيل، فإنه سلك مسلكاً بديعاً وطريقة متميزة مستقلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015