وأما أدب الفتوى، فهو جملة من الشروط والصفات الضرورية والكمالية التي تطلب من المفتي والمستفتي، هذا في القيام بالفتوى، وذاك في تلقي الفتوى والعمل بها.

وفي جملة شروط المفتي وما يلزمه، قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح عنه:

"ينبغي للرجل إذا حمل نفسه على الفتيا أن يكون عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد الصحيحة، عالماً بالسنن، وإنما جاء خلاف من خالف، لقلة معرفتهم بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها" (?).

وقال في رواية ابنه عبد الله:

"إذا كان عند الرجل الكتب المصنفة فيها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واختلاف الصحابة والتابعين، فلا يجوز أن يعمل بما شاء، ويتخير، فيقضي به، ويعمل به، حتى يسأل أهل العلم: ما يؤخذ به، فيكون يعمل على أمر صحيح (1).

وروى الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (?) عن الشافعي أنه قال:

"لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلًا عارفًا بكتاب الله: بناسخه ومنسوخه، ويمحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيه ومدنيه، وما أريد به، وفيما أنزل، ثم يكون بعد ذاك بصيراً بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث ما عرف من القرآن، ويكون بصيراً باللغة، بصيراً بالشعر، ويما يحتاج إليه للعلم والقرآن (?)، ويستعمل مع هذا الإنصاف، وقلة الكلام، ويكون بعد هذا مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا، فله أن يتكلم، ويفتي في الحلال والحرام، لماذا لم يكن هكذا، فله أن يتكلم في العلم ولا يفتي".

وقد ألف العلماء من مختلف المذاهب في كل من "أصول الفقه" و"أدب الفتوى" فأما تآليفهم في أصول الفقه فإنها تستعصي على العد، فمنها البسيط ومنها الوسيط ومنها الوجيز، وسلكوا في ذلك أحد مسلكين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015