وإذا كان الشرك هو الإخلال ببعض شرائط التوحيد أو بعض أركانه، فلا غرو أن ينقسم هو الآخر إلى ثلاثة أقسام: شرك في الربوبية، وشرك في الألوهية، وشرك في الصفات.

وقد جاء في رسالة في الصفات للإمام فيصل بن تركي -رَحِمَهُ اللهُ-:

"وأما تعريف الشرك وأنواعه، فقد عرفه شيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في "كتاب التوحيد"، فذكر أنواعه وأقسامه، وجليه وخفيه، وأكبره وأصغره، خصوصاً الشرك في العبادة، مما عساك لا تجده مجموعاً في غيره من الكتب المطولات، فإن الإيمان النافع لا يوجد إلا بترك الشرك مطلقاً. وأما أنواعه:

1 - فمنها: الشرك في الربويية، وهو نوعان: شرك التعطيل، كشرك فرعون، وشرك الذي حاجّ إبراهيم في ريه، ومنه شرك طائفة ابن عربي، ومنه شرك من عطل أسماء الرب سبحانه، وأوصافه من غلاة الجهمية، ومنه شرك من جعل مع اللأ إلها آخر، ولم يعطل ربوبيته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة.

2 - النوع الثاني: الشرك في أسمائه وصفاته، ومنه تشبيه الخالق بالمخلوق، كمن يقول: يد كيدي، وهو شرك المشبهة.

3 - والنوع الثالث: الشرك في توحيد الإلهية والعبادة.

فكل ما ذكرنا من توحيد الإلهية وأنواع العبادة والقصد التي لا يستحقها إلا الله، صرفها إلى غيره شرك" (?).

ولقد أفاض الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- في مؤلفاته ورسائله في شرح أنواع التوحيد وأقسام الشرك المتقدمة، واعتمد في ذلك كله على كتاب الله سبحانه وتعالى، وعلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة، والمنقول من أقوال السلف المتقدمين من الصحابة والتابعين، إلى أئمة الإسلام المجمع على إمامتهم، باعتبار أن القرون الثلاثة الأولى هي قرون السلامة من البدعة والإنحراف وتَمَثل السنة قولاً وعملاً واعتقاداً.

وقد كان الشيخ في ذَلك كله متشبعاً بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه الموضوعات، وكذلك تلميذه ابن القيم، فهو سليل تلك المدرسة السلفية، ومترجم أفكارها والذاب عنها بلسانه وقلمه، وسيفه حين يجد الإصرار على الشرك والمعاندة من غير حجة ولا برهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015