وكان الشيخ يفضل كتب السلف على كتب الخلف، ويدعو إلى الإعتماد عليها، لأنها قريبة من النبع الصافي، بعيدة عن الدخن والزغل والكدر. فقد جاء في رسالته إلى ابن عبد اللطيف قوله:

"فإن لم تتبع هؤلاء، فانظر كلام الأئمة قبلهم، كالحافظ البيهقي في كتاب "المدخل"، والحافظ ابن عبد البر والخطابي وأمثالهم، ومن قبلهم، كالشافعي وابن جرير وابن قُتيبة، وأبي عبيد، فهؤلاء إليهم المرجع في كلام الله وكلام رسوله وكلام السلف" (?).

وقد كللت جهود الشيخ بالنجاح التام، فأصبحت الجزيرة العربية موحدة براية التوحيد، صافية من كدر الشرك، خصوصاً وأن اللإمام محمد بن سعود استعمل سيف الحق في مواجهة المعاندين، وإبطال كيدهم باللسان والسنان، لأن دعوة لا تحميها قوة، ولا يؤازرها جهاد لا تصنع شيئاً على أرض الواقع:

إذا لم تكن إلّا الأسنة مركباً ... فما حيلة المضطر إلّا ركوبها

وكان من نتائج الدعوة أيضاً ما حققته من منجزات على الصعيد العلمي، بحيث تكونت مدرسة علمية سلفية خالصة، وضع الشيخ نواتها في حُريملاء، وتعاهد غراسها بعد انتقاله إلى العُيينة، ووسع قاعدتها، وعمق جذورها وتعاهد نموها في الدرعية، حتى استطاع أن يبعث من المبرزين منبها: الدعاة والقضاة والموجهين، إلى مختلف الأقاليم النجدية (?).

وكان لهذه المدرسة صداها في التأليف والتعليم والبحث والتحقيق، فانبعثت الهمم للتنقيب عن كتب السلف والعناية بها، وازدهر الإهتمام بكتب التفسير بالمأثور، كإبن جرير وابن كثير والبغوي، ونحوها، والتفت الناس إلى الحديث وكتبه ورجاله، درساً وتحقيقاً وحفظاً، وتحول الإهتمام بالفقه من "الإقناع" و"المنتهي" إلى مطولات الكتب، التي تعنى بالخلاف والدليل والموازنة على ضوء أصول الفقه وقواعد الإستنباط، والأخذ بما يعضده الدليل من الأقوال والروايات والوجوه وغير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015