كما أنَّ آخذ المال بالربا يصبح هو الآخر في خطر؛ إذ تقوده رغبته في الثراء الذي يتخيله من وراء أخذ المال بالربا والدَّيْن إلى الإفلاس من وراء استثمار ذلك المال إذا لم يوفَّق في تصريفه بطريقة ناجحة, فيتحمَّل بعد ذلك سداد رأس المال وسداد الربا والإفلاس الذي حلَّ به, ولم يقتصر ضرر الربا على شخص أو أسخاص معدودين, بل قد يشمل ضرره المجتمع والدولة بأجمعها, فيبنما هي تستحلي أخذ الأموال بالربا؛ إذ بها تفيق على مبالغ هائلة متراكمة يصعب عليها أن تسددها, فتلجأ بعد ذلك إلى الذل والخضوع للدول الدائنة, أو استجداء مَنْ لا يبالي ولا يرحم, بل وقد تدخل تلك الدولة تحت حكم الدولة المرابية طوعًا أو كرهًا كما فعلت الدول الاستعمارية في أكثر من بلد حين تدخَّلت بحجة حماية رعاياها ومصالحها الاقتصادية, وأخيرًا إلى مشاركة الدولة المدينة في اقتصادها وأخذ الثمرة منه، والغرض هنا هو بيان نظرة الإسلام إلى مصالح البشر من وراء تحريم الربا, وقد استفاض علماء الإسلام في بيان شئون الربا وأضراره, والحكمة من تحريمه, وبيان نتائج التعامل به, وأقسامه المختلفة التي عدَّدها علماء الفقه وبينوا أحكامها على ضوء النصوص من كتاب الله -عز وجل, وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم, بما لا يحتمل المقام تفصيله هنا.

فيجب أن يحذر المسلم الحريص على سلامة دينه ودنياه أن ينساق مع دعاة تحليل ما حرّمه الله من الربا وغيره, أو أن ينظر في شبهاتهم التي هي بمثابة استدراكات على الله -عز وجل- وإن لم ينطقوا بذلك, فإن الربا حرام تحت أيّ حيلة أو أية تسمية, فقد أخبر الله في كتابه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015